للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أربعة وردت براءتهم في القرآن الكريم]

برَّأَ اللهُ تعالى في كتابه نَبِيَّيْنِ وصدِّيقتين، أمَّا النَّبيَّان فهما: موسى ويوسف عليهما السَّلام، وأمَّا الصِّدِّيقتان فهما: مريم ـ عليها السَّلام ـ وعائشة - رضي الله عنها -.

فقد آذى موسى - عليه السلام - مَنْ آذاه مِنْ بني إسرائيل واتَّهموه بعيْبٍ في جِلْدِه، ونسبوه إلى نقص في خِلْقَتِه، ذلك أنَّ موسى - عليه السلام - كان من شدَّة حيائه لا يُرَى من جلده شيءٌ، فأراد اللهُ تعالى أَنْ يبرِّئه ممَّا قالوا، فخرج موسى - عليه السلام - ذاتَ يوم يغتسل في خَلْوَة، فوضع ثيابَهُ على حَجَر، فلمَّا فرغ أقْبَل إلى ثيابه ليأخُذَها، فعَدَا الحَجَرُ بثوبه ومضى مسرعاً، فأخذ موسى - عليه السلام - عصاه في أثره، فجعل يقول: ثَوْبِي يا حَجَرُ، ثَوْبِي يا حَجَرُ، واستمرَّ يتبع الحجر حتّى انتهى إلى ملأ مِنْ بني إسرائيل، وكان فيهم مَنْ قال فيه ما قال، فرأوه عل أكمل خَلْقٍ، فبرَّأه الله ممَّا قالوا، فأخذ موسى - عليه السلام - ثوبَه، فلبسه، وَطَفِقَ يضرب الحجر بعصاه.

أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيّاً سِتِّيراً، لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ، إِمَّا بَرَصٌ، وَإِمَّا أُدْرَةٌ، وَإِمَّا آفَةٌ، وَإِنَّ الله أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى، فَخَلَا يَوْمًا وَحْدَهُ، فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا، وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ، فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلأ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ الله، وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ، فوالله إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا، أَوْ خَمْساً، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:

<<  <   >  >>