للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَرَطٌ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: فَأَنَا فَرَطُ أُمَّتِي، لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِي" (١).

والفَرَط: الولد الذي مات قَبْلَ والديه، وفي الحديث بيانٌ لثَوابِ مَنْ مات له ولدٌ، فاحتَسَبَهُ، وَصَبَر على فَقْدِه، روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلَّا الجنَّةُ " (٢).

العلامة الّتي كان يعرف بها النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - رضاها وغضبها - رضي الله عنها -

كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعلم إن كانت عائشة - رضي الله عنها - راضيةً عنه أم غضبى، قال لها ذات يوم: " إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ محمّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ والله يَا رَسُولَ الله، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ " (٣).

ومن فقه الحديث حسن الهجر، فقد كانت - رضي الله عنها - تتنكَّبُ ذِكْرَ اسمه - صلى الله عليه وسلم -، فتهجر الاسم ولا تهجر المسمَّى، وهذا بسبب الغيرة الَّتي جُبِلَ عليها النِّساء، ولذلك فقد يحدث بين الزَّوجين ما يوقع الخلاف، ولكن المرأة العاقلة لا تُعْرِض عن زوجها، ولا تسلقه بلسان حاد، ولا تتجرّأ عليه، وَلَا تَنْسَى الْفَضْلَ بينها وبينه.

ومِن فقه الحديث حُسْنُ الخُلُقِ، فلم يكن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقابِل غضبها بغضب


(١) أحمد "المسند" (ج ٣/ص ٣٤٤/رقم ٣٠٩٨) وإسناده حسن.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٧/ص ١٧٢) كتاب الرّقاق.
(٣) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ١٥٨) كتاب النّكاح.

<<  <   >  >>