وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤)} [التّوبة]. وقد دعا لها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بالمغفرة، تقول - رضي الله عنها -: "لمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - طِيبَ نفسٍ، قُلْتُ: يا رسُولَ الله، ادعُ الله لِي! فقال: اللَّهُمَّ اغفر لعَائِشَةَ ما تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِها ومَا تأخَّر، وما أسرَّت وما أعلنت، فضحكت عائِشةُ حتى سَقَطَ رأسُها في حِجْرِها مِن الضَّحك، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أيسرُّك دعائي؟ فقالت: ومَالي لا يسرُّني دعاؤك، فَقَالَ: والله إنَّها لَدَعْوتِي لأمَّتي في كُلِّ صَلَاةٍ"(١).
[عائشة - رضي الله عنها - وإصلاح ذات البين]
لِمَا لِصَلاح ذات البين أو فساده مِن أثر في حياة النَّاس، خرجت أمُّ المؤمنين - رضي الله عنها - مصلحة، لسدِّ باب الفتنة الَّذي يدخل منه المتربِّصون بهم، فمقصدها أعظم مقصد، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ (١)} [الأنفال].
فكانت - رضي الله عنها - تسعى في تقوى الله تعالى وإصلاح ذات البين؛ لعلَّ مفاتيح الخير تكون على يديها، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِن النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ الله مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى
(١) الهيثمي" مجمع الزَّوائد " (ج ٩/ص ٢٤٣)، وقَال: رواه البزَّار، ورجاله رجال الصَّحيح غير أحمد بن منصور، وهو ثقة. وحسَّنه الألباني في "الصّحيحة" (م ٥/ص ٣٢٤/رقم ٢٢٥٤) مكتبة المعارف، وقال: أخرجه البزّار وإسناده حسن. وهو في "صحيح ابن حبّان" (ج ١٦/ص ٤٨)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن، وحسَّنه الألباني في "التَّعليقات الحسان " (م ١٠/ص ١٩٧/رقم ٧٠٦٧)، كتاب مناقب الصَّحابة.