للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون أجاز أَخْذَ ليلتي مِن يدي. وهذا ليس حيْفاً، لكن لمَّا كان الحَيْفُ والمَيْلُ بمعنى، أُقِيْمَ مَقَامَه.

أو أنَّها جاءت بكلمة (نعم) تصَدِّق نفسها، أي لمَّا قالت للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ " قالت مصدِّقة نفسها: "نعم". أو أنَّ كلمة (نعم) من كلام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرج أحمد والنّسائي والطَّبراني كلمة (نعم) في سياق حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ففي المسند "وَقَالَ: أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ عَلَيْكِ اللهُ وَرَسُولُهُ، قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ - عليه السلام - " (١) الحديث.

ومن غيرتها، قَالَتْ: "افْتَقَدْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَتَحَسَّسْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ، فَإِذَا هُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنِّي لَفِي شَأْنٍ وَإِنَّكَ لَفِي آخَرَ" (٢). أي لمَّا بحثت عنه في الظلمة ووجدته راكعاً أو ساجداً عجبت من أمر غيرتها.

فضل عائشة - رضي الله عنها - على سائر النّساء

اعلم أنَّ لخديجة وعائشة شَأْواً في الإسلام لا يُلْحَق أبداً، وأنَّهما مُقَدَّمات في الفضل على سائر أمَّهات المؤمنين، وأنَّ سبق خديجة - رضي الله عنها - وفضلها في أوَّل الإسلام من المؤازرة والنُّصرة لم تشركها فيه عائشة - رضي الله عنها -، وقد جاء صريحاً أنَّها خير نساء زمانها، قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ (٣) " (٤).


(١) أحمد "المسند" (ج ١٨/ص ٧١/رقم ٢٥٧٣١) وإسناده صحيح.
(٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٢/ج ٤/ص ٢٠٣) كتاب الصَّلاة.
(٣) أي أنَّ مريم أفضل نساء زمانها، كذلك خديجة - رضي الله عنها -.
(٤) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ٢٣٠) كتاب المناقب.

<<  <   >  >>