للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه الآية أقوال منها: أي لولا حُكْمٌ مِنَ الله مَضَى وانْقَضَى وسبق إثباته في اللَّوح المحفوظ، بأنْ لا يُعَذِبَ مخطئاً في اجتهاد، لأصابكم فيما أخذتم عذابٌ عظيم.

وقد أخبر الله تعالى ـ في خواتيم سورة البقرة ـ أنَّه قد تجاوز عن النِّسيان، وعن الخطأ، ومنه الخطأ في الاجتهاد، فقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا (٢٨٦)} [البقرة] وقد أخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الله تعالى، قال: " قد فعلت".

فقد روى مسلم مِن حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ (٢٨٤)} [البقرة].

قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شيءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شيء، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا. قَالَ: فَأَلْقَى الله الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة] قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة] قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا (٢٨٦)} [البقرة] قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ" (١).

وهذا الدُّعاء الَّذي علَّم اللهُ به النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه دُعَاءَه، فيه ثناءٌ على


(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النَّووي" (م ١/ج ٢/ص ١٤٦) كتاب الإيمان.

<<  <   >  >>