للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة فِي الْمحرم عَارض ركب الْعِرَاقِيّ وَمَعَهُ ألف فَارس وَألف راجل فوضعوا السَّيْف، واستباحوا الحجيج وَسَاقُوا الْجمال بالأموال والحريم، وَهلك النَّاس جوعا وعطشاً، وَنَجَا من نجا بِأَسْوَأ حَال، وَوَقع النوح والبكاء بِبَغْدَاد وَغَيرهَا، وَامْتنع النَّاس من الصَّلَوَات فِي الْمَسَاجِد، وَفِي سنة ثَلَاث عشرَة سَار الركب الْعِرَاقِيّ وَمَعَهُمْ ألف فَارس فاعترضهم القرمطي وناوشهم الْقِتَال فَردُّوا النَّاس، وَلم يحجوا وَنزل القرمطي على الْكُوفَة فقاتلوه فغلب على الْبَلَد فنهبه، وَفِي سنة أَربع عشرَة لم يحجّ أحد من الْعرَاق خوفًا من القرامطة ونزح أهل مَكَّة عَنْهَا خوفًا مِنْهُم. وَفِي سنة سبع عشرَة وثلاثمائة حج بِالنَّاسِ مَنْصُور الديلمي ودخلوا مَكَّة سَالِمين، فوافاهم يَوْم التَّرويَة عَدو الله أَبُو طَاهِر القرمطي فَقتل الْحجَّاج قتلا ذريعاً فِي الْمَسْجِد وَفِي فجاج مَكَّة، وَقتل أَمِير مَكَّة ابْن محَارب، وَقلع بَاب الْكَعْبَة، واقتلع الْحجر الْأسود وَأَخذه إِلَى هجر، وَكَانَ مَعَه تِسْعمائَة نفس فَقتلُوا فِي الْمَسْجِد ألفا وَسَبْعمائة، وَصعد على بَاب الْبَيْت وَصَاح: أَنا بِاللَّه وَبِاللَّهِ أَنا ... يخلق الْخلق وأفنيهم أَنا وَقيل: إِن الَّذِي قتل بفجاج مَكَّة وظاهرها زهاء ثَلَاثِينَ ألفا وسبى من النِّسَاء وَالصبيان نَحْو ذَلِك، وَأقَام بِمَكَّة سِتَّة أَيَّام وَلم يحجّ أحد. وَقَالَ مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ: دخل قرمطي وَهُوَ سَكرَان فصفر لفرسه فَبَال عِنْد الْبَيْت، وَقتل جمَاعَة، وَضرب الْحجر الْأسود بدبوس فَكسر مِنْهُ، ثمَّ قلعه وَبَقِي الْحجر الْأسود بهجر نيفاً وَعشْرين سنة، وَدفع لَهُم فِيهِ خَمْسُونَ ألف دِينَار فَأَبَوا هَكَذَا ذكر الذَّهَبِيّ فِي " العبر ". وَذكر غَيره: أَنه لما دخل مَكَّة فِي هَذِه السّنة سفك الدِّمَاء حَتَّى سَالَ بهَا الْوَادي، ثمَّ رمى بعض الْقَتْلَى فِي زَمْزَم وملأها مِنْهُم، وأصعد رجلا ليقلع الْمِيزَاب فتردى على رَأسه وَمَات، ثمَّ انْصَرف وَمَعَهُ الْحجر الْأسود وعلقه على الاسطوانة السَّابِعَة من جَامع الْكُوفَة، يعْتَقد أَن الْحَج ينْتَقل إِلَيْهَا، وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ الْمُطِيع لله أَبُو الْقَاسِم. وَقيل: أَبُو الْعَبَّاس الْفضل بن المقتدر بِثَلَاثِينَ ألف دِينَار، وأعيد إِلَى مَكَانَهُ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة، وَبَقِي عِنْدهم اثْنَيْنِ وَعشْرين سنة إِلَّا شهرا. هَكَذَا ذكر عز الدّين بن جمَاعَة

<<  <   >  >>