للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُجَردا غير مقرون بحياة؟ وَفِي كلا الْوَجْهَيْنِ هُوَ علم من أَعْلَام النُّبُوَّة. وَأما حنين الْجذع فقد سمي حنيناً، وَحَقِيقَة الحنين تَقْتَضِي شَرط الْحَيَاة، وَيحْتَمل تَسْلِيم الْحِجَارَة أَن يكون مُضَافا فِي الْحَقِيقَة إِلَى مَلَائِكَة يسكنون تِلْكَ الْأَمَاكِن ويعمرونها فَيكون مجَازًا من بَاب قَوْله: " واسأل الْقرْيَة ". وَالْأول أظهر. انْتهى كَلَامه. الزقاق حجر مركب على جِدَار يزوره النَّاس وَيَقُولُونَ: هَذَا الْحجر سلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَالِي بعث. انْتهى. وروى التِّرْمِذِيّ وَمُسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِنِّي لأعرف حجرا بِمَكَّة كَانَ يسلم عَليّ قبل أَن ينزل على ". قَالَ السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف: وَفِي بعض المسندات زِيَادَة أَن هَذَا الْحجر الَّذِي كَانَ يسلم عَلَيْهِ هُوَ الْحجر الْأسود. قَالَ: وَهَذَا التَّسْلِيم الْأَظْهر فِيهِ أَن يكون حَقِيقَة، وَأَن يكون الله أنطقه إنطاقاً كَمَا خلق الحنين فِي الْجذع، وَلَيْسَ من شَرط الْكَلَام الَّذِي هُوَ حرف وَصَوت الْحَيَاة وَالْعلم والإرادة؛ لِأَنَّهُ صَوت كَسَائِر الْأَصْوَات، وَالصَّوْت عرض فِي قَول الْأَكْثَرين، وَلم يُخَالف فِيهِ إِلَّا النظام فَإِنَّهُ زعم أَنه جسم وَجعله الْأَشْعَرِيّ اصطكاكاً فِي الْجَوَاهِر بَعْضهَا لبَعض فَهُوَ عِنْده من الأكوان وَقَالَ أَبُو بكر بن الطّيب: لَيْسَ الصَّوْت نفس الاصطكاك وَلكنه معنى زَائِد عَلَيْهِ. قَالَ السُّهيْلي: وَلَو قَدرنَا الْكَلَام صفة قَائِمَة بِنَفس الْحجر، وَالصَّوْت عبارَة عَنهُ، لم يكن بُد من اشْتِرَاط الْحَيَاة وَالْعلم مَعَ الْكَلَام، وَالله أعلم أَي ذَلِك كَانَ، أَكَانَ كلَاما مَقْرُونا بحياة وَعلم، فَيكون الْحجر بِهِ مُؤمنا، أم كَانَ صَوتا مُجَردا غير مقرون بحياة؟ وَفِي كلا الْوَجْهَيْنِ هُوَ علم من أَعْلَام النُّبُوَّة. وَأما حنين الْجذع فقد سمي حنيناً، وَحَقِيقَة الحنين تَقْتَضِي شَرط الْحَيَاة، وَيحْتَمل تَسْلِيم الْحِجَارَة أَن يكون مُضَافا فِي الْحَقِيقَة إِلَى مَلَائِكَة يسكنون تِلْكَ الْأَمَاكِن ويعمرونها فَيكون مجَازًا من بَاب قَوْله: " واسأل الْقرْيَة ". وَالْأول أظهر. انْتهى كَلَامه. قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي أَحْكَامه فِي ذكر تَسْلِيم الْحجر وَالشَّجر عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنِّي لأعرف حجرا بِمَكَّة كَانَ يسلم عليّ قبل أَن أبْعث، وَإِنِّي لأعرفه الْآن ". أخرجه مُسلم وَأَبُو حَاتِم، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: " كَانَ يسلم عليّ ليَالِي بعثت ". وَقَالَ: حسن غَرِيب. وَقَالَ عِيَاض: قيل: إِنَّه الْحجر الْأسود. قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ: وَالظَّاهِر أَنه غَيره، فَإِن شَأْن الْحجر الْأسود عَظِيم، وَلَو كَانَ إِيَّاه لذكر وَلما أنكرهُ، قَالَ: وَالْيَوْم بِمَكَّة حجر عِنْد أبنية تعرف بدكان أبي بكر، أخبرنَا شَيخنَا أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن خَلِيل أَن أكَابِر أَشْيَاخ أهل مَكَّة أخبروا أَنه الْحجر الَّذِي كَانَ يسلم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. انْتهى كَلَام الطَّبَرِيّ. وَقَالَ الْمرْجَانِي فِي " بهجة النُّفُوس ": قيل: هُوَ الْحجر الْأسود. وَقيل: الْحجر المستطيل بِبَاب دَار أبي سُفْيَان بزقاق الْحجر. قَالَ: وَهَذَا الْحجر على الدَّار بَاقٍ إِلَى الْيَوْم. انْتهى. وَهُوَ كَذَلِك بَاقٍ إِلَى الْآن. وَمِنْهَا: دَار الأرقم بن أبي الأرقم المَخْزُومِي الْمَعْرُوفَة بدار الخيزران الَّتِي عِنْد الصَّفَا، وَالْمَقْصُود من زيارتها مَسْجِد مَشْهُور فِيهَا. ذكره الْأَزْرَقِيّ وَذكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مختفياً فِيهِ، وَأَن فِيهِ أسلم عمر بن الْخطاب. وَقَالَ غَيره: كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستتراً فِيهِ فِي بَدْء الْإِسْلَام، وَكَانَ بِهِ اجْتِمَاع من أسلم من الصَّحَابَة، وَبِه أسلم عمر بن الْخطاب وَحَمْزَة وَغَيرهمَا، وَمِنْه ظهر الْإِسْلَام وَله أَيْضا فضل كثير، قَالَ " الأرقم " الْمرْجَانِي: وأرقم بن أبي الأرقم اشْترى الْمهْدي دَاره بسبعة عشر ألف دِرْهَم، ووهبها للخيزران أم الخليفتين الْهَادِي والرشيد.

<<  <   >  >>