للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما رآه ابن سيرين قام له وتصافحا وسلّم كلّ واحد منهما على صاحبه وجلسا يتعاتبان.

فقال له الحسن: دعنا من هذا فقد شغلت الرؤيا قلبي.

فقال له ابن سيرين: لا تشغل قلبك فإن العري عريّ من الدنيا، ليس عليك منها علقة، وأما المزبلة فهي الدنيا قد انكشفت لك أحوالها، فأنت تراها كما هي في ذاتها، وأما ضربك العود فإنها الحكمة التي تتكلم بها وتنفع بها الناس.

فقال له الحسن: فمن أين لك أني رأيت هذه الرؤيا؟

قال ابن سيرين: لما قصّها عليّ فكرت، فلم أرَ أحداً يصلح أن يكون رآها غيرك. (١)

• وفاته:

مات في أول رجب، سنة عشر ومئة، وكانت جنازته مشهودة، صُلي عليه عقب الجمعة بالبصرة (٢)، وغسله أيوب السختياني (٣)، وحميد الطويل، وصلى عليه النضر بن عمرو (٤) أمير البصرة، ومشى هو وبلال بن أبي بردة (٥) أمام الجنازة، وكان له تسع وثمانون سنة (٦).


(١) انظر: معجم الأدباء إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب للحموي ٣/ ١٠٢٥.
(٢) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٧/ ١٣٢؛ سير أعلام النبلاء للذهبي ٤/ ٥٨٥.
(٣) أيوب بن أبى تميمة، كنيته أبو بكر، ولد سنة ثمان وستين، من سادات أهل البصرة وعباد أتباع التابعين وفقهائهم، ممن اشتهر بالفضل والعلم، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة. انظر: مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار لابن حبان ص: ٢٣٧.
(٤) النضر بن عمرو المقرائي الحميري، حكى عن الحسن البصري، روى عنه الأوزاعي، وكان فيمن قام في بيعة يزيد بن الوليد الناقص. انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر ٦٢/ ٧٧.
(٥) بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، أمير البصرة، كان ذا رأي ودهاء، وقد ولي أيضا قضاء البصرة مدة، توفي في السجن سنة نيف وعشرين ومائة. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي ٣/ ٣٨٠.
(٦) انظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي ٧/ ١٣٨.

<<  <   >  >>