قد جمع الضدين صبحاً ودجا ... من يرمه يعد من أهل الحجا
وهذه تكملة الأطيار ... أعني طيور الواجب المختار
ترفل في محاسن الملابس ... وتنجلى في الطرس كالعرائس
كأنما تنظرها حقيقه ... سابحةً في غدرها الأنيقه
لا زلت ترمي الطير والأعادي ... بأسهم ذي ألسن حداد
ودمت تلقى السعد في مسيركا ... حتى تعد الكل من طيوركا
ما سهر الليل رماة البندق ... وقبل الطير خدود الملق
[الفصل الرابع والعشرون: في الكرم والشجاعة]
مررت ببعض أحياء العرب، في يوم طما بحر آله واضطراب، فلمحني شخص من بعيد، حوله جماعة من الخدم والعبيد. فأرسل واحداَ منهم في طلبي، فلما دنوت منه رحب بي وأحسن منقلبي، ورفع قدري ومنزلي، وأعذب موردي ومنهلي. وأعز جانبي، وأترع مشاربي. وأجزل نولي وعظم قومي وقولي. وأتحفني باللطائف، وأمدني بكل ساعٍ من البر وطائف. وأضرم نار القرى، وسقى بدماء البدن ظامئ الثرى. ومنحني من الجود بأنواع مختلفة، وأسدى إلي المعروف من غير معرفة، وعقر النعم، وغمر بالإنعام،