شخصه الذي لم يشك وحشة قط وهو في الدنيا وحيد، مجرياً ذكر ما حواه ثم عزم العزائم مثنياً على أياديه الجميلة ثناء الروض على الغمائم.
[الفصل الخامس والعشرون: في العدل والاحسان]
إن الله يأمر بالعدل والإحسان، فبادر إلى امتثال الأمر أيها الإنسان، وانشر أعلام الإنصاف، واتصف بمحاسن الأوصاف، وارفق بالرعية، وأكثر من البر إلى البرية، وابسط رداء المعدلة، وساو بين الخصوم في المنزلة، واسمح بجبرك وخيرك، ولا تظلم الناس لغيرك.
واعلم أن العدل حارس الملك، ومدبر فلك الفلك، وغيث البلاد، وغوث العباد، وخصب الزمان، ومظنة الأمان. وكبت الحاسد، وصلاح الفاسد، وملجأ الحائر ومرشد السائر، وناصر المظلوم ومجيب السائل والمحروم. به تطمئن القلوب، وتنجلي غياهب الكروب، ويرغم أنف الشيطان، وترتفع به قواعد السلطان. عليه مدار السياسة، وهو مغن عن النجدة والحماسة:
عن العدل لا تعدل وكن متيقظاً ... وحكمك بين الناس فليك بالقسط
وبالرفق عاملهم وأحسن إليهم ... ولا تبدلن وجه الرضا منك بالسخط