إلى باب من بيده الملك وهو على كل شيء قدير، واخش من يعلم السر وأخفى، {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}
[الفصل الثلاثون: في المواعظ]
أعلمني من أثق بنقله، ولا أشك في معرفته وفضله، بقدوم بليغ من الوعاظ، يبرز دقائق المعاني في جليل الألفاظ. وأشار بحضور مجلسه، والاهتداء بضوء قبسه، فقبلت الإشارة، وانتظمت في سلك السيارة. حتى أفضينا إلى ناد فسيح، لسان مناديه فصيح، قد جمع بين الغني والفقير، واشتمل على المأمور والأمير. وإذا بشيخ قائم في بهرة حلقته، يفتن بسحر الكلام قلوب فرقته. فسمعته يقول: أيها الناس، ما الموت بساه ولا ناس، فتأهبوا لحلوله، واستعدوا له قبل نزوله، وحصلوا الراحلة والزاد، وردوا العاصي إلى الطريق فقد زاد، ولا تعدلوا عن محجة الحجا، واتقوا دعوة المظلوم في ظلام الدجا، وامنوا بالقدر خيره وشره، وارضوا بالقضاء حلوه ومره، وأفرغوا ذنوب الذنوب وافزعوا إلى علام الغيوب، وامنعوا من الأمل ما كان جموحا، وتوبوا إلى الله توبة نصوحاً:
وتجنبوا سبق الخطا فلكم هوى ... رب الهوى من حصنه وعقابه