أيا أخا الأدب، إلى كم ذا الحرص والدأب، الأيام نجمها غرار، ومدعي الوفاء منها غدار، كثيرة الملال، سريعة الزوال، تفرق الحبائب، وتسترجع المواهب، ذمامها ذميم ومسالمها سليم. تحل العقود، ولا تحفظ العهود، تكدر الصافي من الشراب، وتعد الظامئ بورود السراب، لقد سقط من تمسك بعراها، وتعب من قصد الراحة من ذراها. قال التهامي رحمه الله تعالى:
ومكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة نار
ثم قال: مضت الجهمة والشفق، والفحمة والغسق والقطع والسدفة، والبهرة والزلفة وآن لنسمات السحر أن تتبختر، ولعيون الفجر أن تتفجر. وقام للوداع، فقلت زودني بأنعم المتاع.
فقال: دع إزار الأوزار، واتق من لا تدركه الأبصار، وسبحه بالعشي والإبكار {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ}.
[الفصل الخامس: في أقسام العام]
حضر فصول العام مجلس الأدب في يوم بلغ منه الأريب نهاية الأدب، بمشهد من ذوي البلاغة، ومتقني صناعة