للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلف، ومن رفده الهيام والشغف، يعوق الطالب عن الاستفادة، ويشغل الإنسان عما خلق له من العبادة. جان يفضي إلى الجنون، ويدني أهل المنى من المنون:

وما عجب موت المحبين في الهوى ... ولكن بقاء العاشقين عجيب

واعلم، وقاك الله شر الشرر، أن أقوى أسباب العشق النظر. رياحه تنشئ سحائب الفكر، ومرآته تجلو على القلب محاسن الصور. فاتق النظرة، فإنها تزرع حَب حُب ينبت سنبل الحسرة. كم سلب النظر قلب عابد، وفتن عقل ناسك، وحل عقد زاهد، وأجرى آفة، وقرن ذلاً بمخافة، وأثار غبار معركة، وألقى شهماً إلى التهلكة، وأقام حرباً على ساق، وسفك الدماء وأراق، وأوقع في مصائد المصائب، وهشم العظام بأنياب النوائب:

فمن كان يؤتى من عدو وحاسد ... فإني من عيني أتيت، ومن قلبي

فاسلك سبيل السلامة، لتصل إلى دار الكرامة، واقطع أسباب المطامع، واشتغل عن المصنوع بالصانع. فأما من آثر اللذات فقد تورط في حبائل البلوى، وانتهى من حرم الحرمان إلى الغاية القصوى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}.

[الفصل الرابع عشر: في الفراق]

الفراق - جمع الله الشمل بمحياك، ورعى ودك على بعد المزار

<<  <   >  >>