الصدور وأبهجها، وألجم خيل السرور وأسرجها، من إياب مولانا مصحوباً بالسلامة، مالكاً قياد الفضل وزمامه. فتلقاه العبد بمزيد القبول، واعترف بطيب عرفه الضائع قبل الوصول:
وتقاسم القوم المسرة بينهم ... قسماً فكان أجلهم حظاً أنا
ولم يزل مدة غيبته مستديماً لذكره، مشاهداً له وإن شط المزار بعين فكره، متشوقاً إلى أيامه التي راق نعيمها، مرتقباً نجوم لياليه التي رق كخلقه نسيمها:
ليالي لم نحذر حزون قطيعة ... ولم نمش إلا في سهول وصال
إلى أن جمع الله به شتات الأمور، وألف بمقدمه من الأنس كل نفور، وأعاد بدره إلى منازل سعوده، وفطر قلب حسوده بصعدة صعوده. فله الحمد على نعمه التي لا تعد، وكرمه الذي تجاوزت سيوفه غاية الحد. وهو المسؤول أن يعيذه من شر من حسد وطعن، ويكلأه بعينه التي لا تنام إن أقام أو ظعن.
ثم إنه وافاني بعد مدة، فحمل يراعه ومن النقس مده، وقال: إن رفيقي قد أبل من المرض، وما يخفى عن مثلك - أيدك الله - سر الغرض. فقلت له اكتب: