للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِهِ قُلُ إِن اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُنَزِلَ آيَةً وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (١).

وقوله تعالى {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمهِ كَيْ تَقَرَ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنْ وَلِتَعْلَمَ أَن وَعْدَ اللهِ حَقٌ وَلَكِن أَكْثَرَ الْناسِ لَا يَعْلَمُونَ} ". (٢)

وقوله تعالى {وَإِن لِلذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُوْنَ ذَلِكَ وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}. (٣)

ب- استدلوا كذلك بقوله تعالى {فَبِمَا رَحَمَةٍ مَنْ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُوْا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكلْ عَلَى اللهِ إِن اللهَ يُحِبُ الْمُتَوَكِلِينَ}. (٤)

حيث فهموا من الآية أن الأمير إذا استشار فإنه يختار بعد ذلك ما بدا له، ويعزم عليه، ويمضي متوكلا على الله لا على أغلبية، ولا أقلية.

واستدلوا كذلك بتفسير الطبري للآية حيث قال في تفسير قوله تعالى {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكلْ عَلَى الله}؛ قال: " فإنه يعني: فإذا صح عزمك بتثبيتنا إياك، وتسديدنا لك فيما نابك وحز بك من أمر دينك ودنياك، فامض لما أمرناك به على ما أمرناك به، وافق ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك أو خالفها، كما حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة بن إسحاق: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكْلْ عَلَى اللهِ، إِن اللهَ يُحِبُ المتَوَكِلِينَ}، فإذا عزمت أي على أمر جاءك مني أو أمر دينك في جهاد عدوك، لا يصلحك ولا يصلحهم إلا ذلك، فامض على ما أمرت به على خلاف من خالفك، وموافقة من وافقك ". (٥)

والجواب من وجهين:

الأول: أن كلام الطبري يتعلق بما نزل فيه وحي وحكم الله فيه يحكم، فإن الواجب أن ينفد ما حكم الله به، ولا عبرة حينئذ بالأكثر أو الأقل أو الجميع، وهذا ما لا خلاف فيه بين المسلمين، ومن تأمل كلام الطبري يجده في هذا السياق: فامض لما أمرناك به، على ما أمرناك به ... فإذا عزمت، أي على أمر جاءك مني .. فامض على ما أمرت به ". (٦)


(١) الأنعام (٣٧).
(٢) القصص (١٣).
(٣) الطور (٤٧).
(٤) آل عمران (١٥٩).
(٥) تفسير الطبري: محمد جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، تح: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة: بيروت، ط (١) ١٤٢٠ هـ-٢٠٠٠ م، ج ٧، ص ٣٤٦.
(٦) قضية الأغلبية: الريسوني، ص ٣٩ - ٤٠.

<<  <   >  >>