للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأكيداً لهذا المعنى وتطبيقاً له قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الراكب شيطان، والراكبان شيطانان والثلاثة ركب " (١)، فالثلاثة أفضل من الاثنين، وأبعد عن تأثير الشيطان، واعتبار الراكبين شيطانين .. يرجع - والله أعلم - إلى أنهما إذا تعرضا للخلاف والنزاع، لم يكن بينهما حكم ولا مرجح؛ لأنهما يُحرمان من تحقيق ما جاء في الحديث الآخر: " إذا خرج ثلاثة في سفر، فليؤمروا أحدهم" (٢)، والتأمير لا يتأتى مع الاثنين؛ لعدم إمكان وجود أغلبية ترجح وتأمر ... ". (٣)

٤ - مما يدل على أن الكثرة غير مذمومة، تنافس الأنبياء في كثرة الأتباع يوم القيامة (٤) ففي حديث سمرة قال: " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن لكل نبي حوضا، وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة ". (٥)

وتمنى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون أكثر الأنبياء تابعاً يوم القيامة فقال: " ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إلي؛ فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ". (٦)

وفي حديث أنس - رضي الله عنه - قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة، وينهى عنه التبتل نهياً شديداً ويقول: " تزوجوا الودود الولود؛ فإني مُكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة ". (٧)

٥ - أن الآيات التي وصفت أكثر الناس بأنهم لا يعلمون كانت تتحدث بصفة خاصة عن

مجال الغيبيات، وهو المجال الذي لا يدرك حقائقه ولا يعقلها إلا أقل الناس ... (٨).


(١) سنن أبي داود: كتاب الجهاد، باب في الرجل يسافر وحده، ج ٢، ص ٣٤٠، برقم ٢٦٠٩، ومسند أحمد: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ج ١١، ص ٣٦٠، برقم ٦٧٤٨، وحسنه الأرناؤوط.
(٢) سنن أبي داود: كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدا، ج ٢، ص ٣٤٠، برقم ٢٦١٠، والمعجم الأوسط: الطبراني، باب من اسمه محمود، ج ٨، ص ٩٩، برقم ٨٠٩٣، وصححه الألباني في الصحيحة، برقم ٣١٤.
(٣) قضية الأغلبية من الوجهة الشرعية: الريسوني، ص ٣٦ - ٣٧.
(٤) بلوغ الأمنية في حكم الترجيح بقول الأكثرية: أبو المنذر الشنقيطي، ص ٤.
(٥) سنن الترمذي: كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب ما جاء في صفة الحوض، ج ٤، ص ٦٢٨، برقم ٢٤٤٣، وصححه الألباني، في السلسلة الصحيحة، برقم ١٥٨٩.
(٦) صحيح البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي، ج ٦، ص ٢٢٤، برقم ٤٩٨١.
(٧) صحيح ابن حبان: كتاب النكاح وذكر الزجر عن التبتل، ج ٩، ص ٣٣٨، برقم ٤٠٨، ومسند أحمد: حديث أنس بن مالك، ج ٢٠، ص ٦٣، برقم ١٢٦١٣، وصححه الأرناؤوط.
(٨) قضية الأغلبية: الريسوني، ص ٣١ - ٣٢.

<<  <   >  >>