للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: حديث نعيم بن عبد الله المجمر رضي الله عنه قال: " رأيت أبا هريرة - رضي الله عنه - يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ". (١)

فبينت هذه الأحاديث المتقدمة الغسل الواجب المأمور به في الآية، مع أنه لم ينقل إلينا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اقتصر في وضوئه على ما دون المرفقين في غسل اليدين، وما دون الكعبين في غسل الرجلين.

وبهذا يظهر صحة دخول ما بعد (إلى) في الآية في الحكم المتقدم وإلى هذا القول ذهب الجمهور. خلافاً لزفر بن الهذيل، ومحمد بن داود، ومالك في رواية، حيث ذهبوا إلى أن (إلى) لانتهاء الغاية، وما بعدها غير داخل في حكم ما قبلها، وعليه فلا يجب في الوضوء غسل المرفقين والكعبين. (٢) والراجح هو القول الأول لكونه معتمداً على الدليل الصحيح الصريح الثابت بالسنة.

وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الطهارة - باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء - (ح ٥٧٨ - ٣/ ١٢٨).
والبيهقي في سننه - كتاب الطهارة - باب استحباب الإشراع في الساق - (ح ١ - ١/ ٧٧).
(٢) انظر: المغني لابن قدامة (١/ ١٧٢) والمجموع للنووي (١/ ٣٨٥) وتيسير البيان لأحكام القرآن (٢/ ٧٥٥).

<<  <   >  >>