للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال قائل: ليس فيما رويتم عن ابن عباس في هذا الحديث أنهم أخذوا شيئاً، وإنما فيه مشورة أبي بكر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منهم الفداء لا غير.

فكان جوابنا له في ذلك: أن هذا الحديث كما ذكر، غير أنه قد خالف ابن عباس فيه أبو هريرة، فأخبر أن المسلمين قد كانوا أخذوا شيئاً من الغنائم قبل إنزال الله عز وجل هذا الآية.

كما عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: لما كان يوم بدر تعجل الناس من المسلمين، فأصابوا من الغنائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم، كان النبي - يعنى من كان قبله - إذا غنم هو وأصحابه، جمعوا غنائمهم فتنزل نارٌ من السماء تأكلها. فأنزل الله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا (٦٩)} [الأنفال:٦٨ - ٦٩] (١)

فكان في هذا الحديث أن الوعيد الذي كان من الله عز وجل في هذه الآية هو لأخذهم ما أخذوا من الغنائم قبل أن تَحِلَّ لهم، لا ما سوى ذلك مما ذكر في حديث ابن عباس، وهذا عندنا أشبه بالآية، لأن الذي فيها هو قوله عز وجل: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال:٦٨] فأثبت أخذاً متقدماً، فعليه كان الوعيد، لا على ما سواه مما في حديث ابن عباس الذي روينا.


(١) أخرجه الترمذي في سننه -كتاب: التفسير- باب: ومن سورة الأنفال- (حـ ٣٠٩٤ - ١١/ ٢٢٠) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب -
أ. هـ. والبيهقي في سننه - كتاب: قسم الفيء والغنيمة - باب: بيان مصرف الغنيمة في الأمم الخالية إلى أن أحلها الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -،
ولأمته. (حـ ٣ - ٦/ ٢٩٠).

<<  <   >  >>