للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لقد فهم السلف الصالح هذا المعنى ووعوه؛ فأثمر ذلك لديهم هِممًا طامحةً لتخليةِ الذهن للقرآنِ في مواسمِ النفحات، وكان لديهم بقراءته عجائب، وكان يُسمع لهم به دَوِيٌّ كدوي النحل مِن التأثر.

إنَّ علينا جميعًا أنْ نستيقنَ أنَّ العيشَ مع القرآن وتدبره وتفهم معانيه والعمل به، هو مقصود التلاوة، كما أدرك ذلك سلفُنا الصالح.

قال الحسن البصري - رحمه الله -: «إنَّ مَن كان قبلكم رأوا القرآن رسائل مِن ربهم، فكانوا يتدبرونها في الليل، ويُنَفِّذُونَهَا في النهار» (١).

فأطْلِقْ لنفسِك -أيها المُوفَّق- رُوحَها؛ لِتعُبَّ (٢) من رياحين القرآن، وفرِّغ قلبك، وأخْلِ ذهنك للقرآن؛ كي تعيش معه فيُرفرف قلبك في قِمم السعادة، فتفوز فوزًا عظيمًا.


(١) ذكره الغزالي في إحياء علوم الدين (١/ ٢٧٥)، وينظر: التبيان في آداب حملة القرآن ص (٢٨).
(٢) العب: شرب الماء بعنف وتتابع في الجرعات من غير مص ولا تنفس. ينظر: كتاب العين (١/ ٩٣)، جمهرة اللغة (١/ ٧٣).

<<  <   >  >>