للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السِّمةُ الثالثة

جمعيةُ القلبِ وصِدقُ إقبالِه

إنَّ غايةَ الاعتكاف ومقصودَه: استقامةُ القلب، والقلبُ لا يستقيمُ على صراطِ الله إلا بإقبالِه بكُلِّيته على الله، ومتى ما انصرفَ عن الله وسَبَح في أشتاتٍ بعيدةٍ عنه؛ فقد فاته المقصودُ مِن الاعتكاف، ولو كان الجسدُ عاكفًا.

ولهذا؛ «لمَّا كانَ صلاحُ القلبِ واستقامتُه على طريقِ سيرِه إلى الله تعالى، متوقِّفًا على جَمعِيَّته على الله، ولَمِّ شَعْثِه بإقبالِه بالكُلِّيةِ على اللهِ تعالى، فإنَّ شعثَ القلبِ لا يَلُمُّه إلا الإقبالُ على اللهِ تعالى، وكان فضولُ الطعامِ والشرابِ، وفضولُ مخالطة الأنامِ، وفضولُ الكلامِ، وفضولُ المنامِ، مما يزيدُهُ شَعَثًا، ويُشتِّتهُ في كلِّ وادٍ، ويقْطَعُه عنْ سيرِه إلى اللهِ تعالى، أو يُضعفُه أو يَعُوقُه ويوقفُه؛ اقتضتْ رحمةُ العزيزِ الرحيم بعبادِه أنْ شرعَ لهم مِن الصومِ ما يُذهبُ فضولَ الطعامِ

<<  <   >  >>