للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السِّمةُ الأولى

قطعُ العلائِق عن الخلائِق

إنَّ سِرَّ الاعتكاف وغايته: الخلوةُ باللهِ وتفريغُ القلب وقطعُ علائقِه بالخلائق؛ ولهذا كان اللائقُ بالمُعْتَكِف أنْ يكون مُنهمكًا في التَّنسُّك والعبادات الخاصة، مُقبلًا على ربِّه بتخليةِ القلب لله، والإلحاح في طلبِ رضاه، والإلحاف (١) في نيلِ مغفرتِه وعفوه، كما قال عطاء - رحمه الله -: «مَثَل المُعْتَكِف كمثل رجلٍ له حاجةٌ إلى عظيمٍ، فجلسَ على بابِه يقولُ: لا أَبرحُ حتى تَقْضِي حاجتي، وكذلك المُعْتَكِف يجلسُ في بَيتِ الله يقول: لا أَبْرحُ حتى يُغْفَر لي» (٢).

ولهذا كان المشروعُ للمُعْتَكِف أنْ يكونَ عَزوفًا عن الناس، مجافيًا لمجالسِهم، وقد نصَّ الإمامُ أحمد - رحمه الله - على أنه ينبغي


(١) الإلحاف: شدة الإلحاح في المسألة. ينظر: تهذيب اللغة (٥/ ٤٦)، لسان العرب (٩/ ٣١٤) (لحف).
(٢) ذكره السرخسي في المبسوط (٣/ ٨١٥)، وينظر: وظائف رمضان ص (٧٥).

<<  <   >  >>