للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

للمُعْتَكِف ألَّا يخالطَ الناس حتى ولو كان ذلك لتعليمِ علم أو إقراء قرآن، وأنَّ الأكملَ له الانفراد والتخلي لمناجاةِ ربِّه وذكرِه ودعائِه (١).

وبنظرةِ تأمُّل، نجدُ أنَّ عبادةَ الاعتكاف اقترنت بعبادةِ الصوم؛ لأنَّ حكمةَ مشروعيتهما واحدة، وهي: إصلاح القلب بتقوى الله، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣]، ويبلغُ العبدُ الصائمُ الذروةَ في إصلاحِ قلبِه حينما يعتزل الناس، ويعتكف بقلبِه وجسدِه، خاليًا بربِّه، منطرحًا بين يديه، وكان مِن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاعتكاف الانفرادُ عن الناس، وكان يأمرُ بأنْ يُضربَ له خِبَاء (٢) في المسجدِ يلزمُه، ويخلو بربِّه، كما قالت عائشة - رضي الله عنها -: «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ


(١) ينظر: مدارج السالكين (١/ ٢٦٣)، وظائف رمضان ص (٦٠).
(٢) الخباء: بكسر المعجمة وتخفيف الموحدة مع المد هي خيمة من وبر أو صوف، ثم أُطلقت على البيت كيف ما كان. ينظر: النهاية (٢/ ٩)، اللسان، (١٤/ ٢٢٣) (خبا).

<<  <   >  >>