وانخفاضُها، فكذلك القلب إذا خشع فإنه تسكن خواطره وإراداته الرديئة، التي تنشأ من اتباع الهوى فينكسر ويخضع لله - عز وجل -.
فيزول بذلك ما كان فيه من البَأْو (١) والترفع والتكبر والتعاظم، ومتى حصل ذلك في القلب خشعت الأعضاء والجوارح والحركات كلها حتى الصوت، وقد وصف الله تعالى الأصوات بالخشوع في قوله:{وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}[طه: ١٠٨]، وخشوع الأصوات هو سكونها وانخفاضها بعد ارتفاعها.
وينبغي أنْ يكونَ الخشوعُ حقيقةً لا تكلفًا، ومتى تكلَّف الإنسان تعاطِيَ الخشوع في جوارحه وأطرافه -مع فراغ قلبه مِن الخشوع وخُلوِّه منه- كان ذلك خشوعَ نفاقٍ، وهو الَّذِي كان السلف يستعيذون منه كما قال بعضهم: «اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ خُشُوعِ النِّفَاقِ. قَالُوا: وَمَا خُشُوعُ النِّفَاقِ؟ قَالَ: أَنْ تَرَى الْجَسَدَ
(١) البَأْو: المراد به الفخر. ينظر: الصحاح (٦/ ٢٢٧٨)، مقاييس اللغة (١/ ٣٢٨)، النهاية في غريب الحديث (١/ ٩٦) (بأو).