للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإيمان، وهو نهر الحياة لقلوبِهم، فلا شيء أنفع للقلبِ مِن قراءةِ القرآن بالتدبر والتفكر، فهو يُورث المحبَّة والشوق والخوف والرجاء، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، فلو علم النَّاس ما في قراءة القُرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عنْ كلِّ ما سواها، فإذا قرأه بتفكر حتى مَرَّ بآيةٍ هو محتاجٌ إليها في شفاءِ قلبه، كررها ولو مائة مرة ولو ليلة، فقراءة آية بتفكر وتفهم خيرٌ مِن قراءةِ ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حُصُولِ الإيمان وذوق حلاوة القرآن؛ فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب (١).

وهذا ليس لكلِّ قارئ للقرآن، بل لمن «كان هَمُّه عند التلاوة للسورة إذا افتتحها: متى أتَّعِظُ بما أتلوه؟ ولم يكنْ مرادهُ: متى أختم السورة؟، مرادهُ: متى أعقل عنِ الله الخطاب، متى أزدجر، متى أعتبر؟ لأنَّ تلاوة القرآن عبادة، والعبادة لا تكون بغفلة» (٢).

ومتى ما عاش المعتكف مع القرآن على هذا النحو فقد أحرز عكوف القلب الذي هو بُغية طلاب الاعتكاف الحق.


(١) مفتاح دار السعادة (١/ ١٨٧)، بتصرف.
(٢) أخلاق حملة القرآن ص (١٨).

<<  <   >  >>