كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَكَانَ مُسَيْلمَة يُدعَى رحمان الْيَمَامَة فَقَالَ أهل مَكَّة إِنَّمَا يَدْعُو إِلَه الْيَمَامَة فَأمر الله وَرَسُوله بإخفائها فَمَا جهر بهَا حَتَّى مَاتَ لَكَانَ نصا فِي نسخ الْجَهْر لكنه مُرْسل ومعلول الْمَتْن من جِهَة أَن مُسَيْلمَة لم يكن يَدعِي الألوهية وَمن جِهَة التَّسْلِيم لَكِن فِي نَص الْخَبَر أَنه يَدعِي رحمان الْيَمَامَة وَلَفظ الرَّحْمَن فِي بَقِيَّة الْفَاتِحَة وَهُوَ قَول الرَّحْمَن الرَّحِيم بعد الْحَمد لله رب الْعَالمين فر مَعْنَى لللإسرار بالبسملة لأجل ذكر الرَّحْمَن مَعَ وجود ذكر الرَّحْمَن عقب ذَلِك
وَقد أخرج الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يزل يجْهر فِي السورتين بالبسملة حَتَّى قبض وَهَذَا يُعَارض مُرْسل سعيد بن جُبَير قَالَ الْحَازِمِي الْإِنْصَاف أَن إدعاء النّسخ فِي الْجَانِبَيْنِ بَاطِل وَمن حجج من أثبت الْجَهْر أَن أَحَادِيثه جَاءَت من طرق كَثِيرَة وَتَركه عَن أنس وَابْن مُغفل فَقَط وَالتَّرْجِيح بِالْكَثْرَةِ ثَابت وَبِأَن أَحَادِيث الْجَهْر شَهَادَة عَلَى إِثْبَات وَتَركه شَهَادَة عَلَى نفي وَالْإِثْبَات مقدم وَبِأَن الَّذِي رَوَى عَنهُ ترك الْجَهْر قد رَوَى عَنهُ الْجَهْر بل رَوَى عَن أنس إِنْكَار ذَلِك كَمَا أخرجه أَحْمد وَالدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق سعيد بن يزِيد أبي مسلمة قَالَ قلت لأنس أَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَو الْحَمد لله رب الْعَالمين قَالَ إِنَّك تَسْأَلنِي عَن شَيْء مَا أحفظه ولاسألني عَن أحد قبلك وَأجِيب عَن الأول بِأَن التَّرْجِيح بِالْكَثْرَةِ إِنَّمَا يَقع بعد صِحَة السَّنَد ولايصح فِي الْجَهْر شَيْء مَرْفُوع كَمَا نقل عَن الدَّارَقُطْنِيّ وَإِنَّمَا يَصح عَن بعض الصَّحَابَة مَوْقُوف وَعَن الثَّانِي بِأَنَّهَا وَإِن كَانَت بِصُورَة النَّفْي لَكِنَّهَا بِمَعْنى الْإِثْبَات وَقَوْلهمْ إِنَّه لم يسمعهُ لبعده بعيد مَعَ طول صحبته وَعَن الثَّالِث بِأَن من سمع مِنْهُ فِي حَال حفظه أولَى من أَخذه عَنهُ فِي حَال نسيانه وَقد صَحَّ عَن أنس أَنه سُئِلَ عَن شَيْء فَقَالَ سلوا الْحسن فَإِنَّهُ يحفظ ونسيت وَقَالَ الْحَازِمِي الْأَحَادِيث فِي الْإخْفَاء نُصُوص لَا تحْتَمل التَّأْوِيل وَأَيْضًا فَلَا يعارضها غَيرهَا لثبوتها وصحتها وَأَحَادِيث الْجَهْر لَا توازيها فِي الصِّحَّة بِلَا ريب ثمَّ إِن أصح أَحَادِيث ترك الْجَهْر حَدِيث أنس وَقد اخْتلف عَنهُ فِي لَفظه فأصح الرِّوَايَات عَنهُ كَانَ يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين كَذَا قَالَ أَكثر أَصْحَاب شُعْبَة عَنهُ عَن قَتَادَة عَن أنس وَكَذَا رَوَاهُ أَكثر أَصْحَاب قَتَادَة عَنهُ وَعَلَى هَذَا اللَّفْظ اتّفق الشَّيْخَانِ وَجَاء عَنهُ لم أسمع أحدا مِنْهُم يجْهر بالبسملة ورواة هَذِه أقل من رُوَاة ذَلِك وَانْفَرَدَ بهَا مُسلم
وَجَاء عَنهُ حَدِيث همام وَجَرِير بن حَازِم عَن قَتَادَة سُئِلَ أنس كَيفَ كَانَت قِرَاءَة النَّبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute