فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق إِن حملنَا قَوْله:" وَلَا يَصح " على حَدِيث أبي هُرَيْرَة، بَقِي حَدِيث أبي حَاتِم الْمُزنِيّ مُسْتَحقّا أَن يذكر حكمه فِي هَذَا الْبَاب، من حَيْثُ قنع فِيهِ بقول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: إِنَّه غَرِيب، وَلم يخرج من ذَلِك لَا أَنه صَحِيح وَلَا غير صَحِيح، وغرابته هِيَ من جِهَة أَن أَبَا حَاتِم الْمُزنِيّ الْمَذْكُور، لم يرو عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ لَا يرْوى إِلَّا من هَذَا الطَّرِيق عَنهُ.
وَإِن كَانَ قَوْله:" لَا يَصح " يرجع إِلَى مَا ذكر من حَدِيثي أبي حَاتِم وَأبي هُرَيْرَة، فقد صرح بالتضعيف، وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَن يكون فِي بَاب مَا ضعفه وَلم يبين علته.
وَلِأَن الِاحْتِمَال الأول أظهر، ذَكرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب، فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق: إِن حَدِيث أبي حَاتِم الْمَذْكُور لَا يَصح. أول مَا فِيهِ أَن أَبَا حَاتِم لم تصح صحبته، وَقد ذكر أَبُو دَاوُد حَدِيثه هَذَا فِي الْمَرَاسِيل، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن معِين، حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا ابْن [هُرْمُز الفدكي، عَن سعيد وَمُحَمّد ابْني عبيد، عَن أبي حَاتِم الْمُزنِيّ] ، وَذكره أَيْضا من [طَرِيق قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن عبد الله بن هُرْمُز الْيَمَانِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] فَذكره إِيَّاه فِي الْمَرَاسِيل دَلِيل على أَنه عِنْده أَعنِي أَبَا حَاتِم الْمُزنِيّ غير صَحَابِيّ، وَمن يزْعم أَن لَهُ صُحْبَة إِنَّمَا يروم إِثْبَاتهَا لَهُ بِهَذَا الْخَبَر.
وَهَذَا الْخَبَر لَا يثبت إِلَّا بِهِ، فَيتَوَقَّف ثُبُوته على ثُبُوت صحبته، وَثُبُوت صحبته على ثُبُوته.