وقد يظن ظان أن كتابنا هذا، مقصور الإفادة على من له بكتاب أبي محمد عبد الحق اعتناء، فذلك الذي يستفيد منه إصلاح خلل، أو تنبيها على مغفل.
وهذا الظن ممن يظنه خطأ، بل لو كان كتابنا قائماً بنفسه، غير مشير إلى كتاب أبي محمد المذكور، كان - بما فيه من التنبيه على نكت حديثية، خلت عنها وعن أمثالها الكتب، وتعريف برجال يعز وجودهم، ويتعذر الوقوف على الموضع الذي استفدنا أحوالهم منها، وأحاديث أفدنا فوائد في متونها أو في أسانيدها، وعلل نبهنا عليها، وأصول أشرنا إليها _ أفيد كتاب، وأعظم ثمرة تجتنى.
ومن له بهذا الشأن اعتناء، يعرف صحة ما قلناه، وقد كاد يكون مما لم نسبق إلى مثله في الصناعة الحديثية، وترتيب النظر فيها، المستفاد بطول البحث، وكثرة المباحثة، والمناظرة، والمفاوضة، وشدة الاعتناء، ووجود الكتب المتعذر وجودها على غيرنا، مما تيسر الإنعام به من الله سبحانه علينا، له الحمد والشكر
فليس في كتاب أبي محمد: عبد الحق حديث إلا وقفت عليه في الموضع الذي نقله منه، بل وفي مواضع لم يرها هو قط، بل لعله ما سمع بها، إلا أحاديث يسيرة جداً، لم أقف عليها في مواضعها، ولم آل جهداً، ولا أدعي سلامة من الخطأ، لكني أتيت بالمستطاع، فإن أصبت فأرجو تضعيف الأجر، والله يعفو عن الزلل، ويتفضل بإجزال ثواب بذل المجهود، ولا حول ولا قوة إلا به، وهذا حين أبتدئ مستعيناً بالله سبحانه