اعلم أنه لو كان يذكر الأحاديث موصلة منه بأسانيدها، لم يلزمه أن يوردها إلا من حديث اتصلت له، كما قد يسوق ابن عبد البر من طريق قاسم، أو ابن أيمن، أو غيرهما ما هو عند البخاري أو مسلم موصلاً، فأما من اعتمد نسبة الأحاديث إلى مواضعها المشهورة كطريقته هو في كتابه هذا، فعليه الدرك في إيراده من موضع خامل إذا كان في أشهر منه، لا سيما مع ما صح في الوجود من أن هذه المختصرات، أكثر من يلجأ إليها ويعتمد قراءتها، إنما هم من لا علم عنده بالحديث، وإن كان فيهم من يطلب أنواعاً من العلم غيره.
فإذا الأمر هكذا، فأول حاصل عند من يرى الحديث ها هنا منسوباً إلى موضع، عدمه في غيره، والاحتياج فيه إلى من ذكره عنه، فيحصل من هذا مع أهل هذا الشأن في مثل ما يحصل فيه من ينسب مسألة من النحو إلى المهدوي، أو ابن النحاس، وهي في كتاب سيبويه.
وفي الحقيقة جدوى هذه الترجمة ليس من الواجب، ولكنه مكمل، وإن اتفق أن يكون من أذكر الحديث عنه الآن غير مشهور عند من يقرؤه، كالذي أخرجه أبو محمد من عنده في حقه، فليعد الفائدة فيه تكثير مواضعه وتبيين مواقعه.
(٣٣٢) فمن ذلك أنه ذكر حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «والذي نفس محمد بيده، ولا يسمع بي احد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني … »