وقسم إنما يذكر الأحاديث فيه ببعض أسانيدها، ثم يعمد من القطعة التي اقتطع من الإسناد إلى أحد من فيها، فيعل الحديث به، ويعرض عن آخر، أو أخر، ويعل الحديث بمن ليس في القطعة التي اقتطع، ويترك في القطعة من يجب التنبيه عليه.
وصنيعه في هذا أخف من وجه، وذلك أنه في الأول طوى ذكر من لعل الجناية منه، وذكر غيره، وفي هذا لم يطو ذكره، بل أبرزه وعرضه لنظر المطالع، وفي كليهما من إيهام سلامته ما ذكرناه.
وقد يذكر أحاديث بقطع من أسانيدها، ولا يعرض لها بتعليل.
فمنها ما تكون علته فيما أبرز من القطع.
ومنها ما تكون علته فيما ترك من الإسناد واقتطعه مما فوقه، فيكون هذا من هذا الباب، إلا أنا لم نذكره فيه لما لم يعلل الحديث، وأخرنا ذلك إلى باب الأحاديث التي ذكرها بقطع من أسانيدها، بحيث يتوهم أنه صححها؛ لأنه لم يحل بما ذكره على متقدم ولا متأخر من بيانه، وسكت عنها.
فلأجل أنه قد يظن بهذا النوع أنه صحيح عنده، أفردناه بباب بعد باب الأحاديث المصححة بسكوته.
والذين يترك إعلال الأخبار بهم في هذا الباب هم: إما ضعفاء، وإما مستورون، ممن روى عن أحدهم اثنان فأكثر، ولم تعلم مع ذلك أحوالهم، وإما مجهولون، وهم من لم يرو عن أحدهم إلا واحد، ولم يعلم مع ذلك