للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دخل الشعبي إلى صديق له فعرض عليه الطعام وقال اي التحفتين احب اليك تحفة مريم ام تحفة ابراهيم فقال اما تحفة ابراهيم فعهدي بها الساعة فاخرج اليه سلة رطب وانما كنى عن اللحم لان في قصته عليه الصلاة والسلام فما لبث ان جاء بعجل حينذ وكنى بتحفة مريم عن الرطب لان في قصتها وهزى اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً " وسمعت " ابا سعد احمد بن محمد بن ملة الهروي يقول اجتاز المبرد بسداب الوراق وهو على باب داره فقام اليه وسأله ان يسره بدخول منزله ومساعدته على ما حضر فقال له المبرد ما عندك فقال يا سيدي عندي أنت وعليه انا يعني اللحم المبرد وعليه السداب فضحك منه وأجابه " وسمعت " ابا الفضل عبيد الله بن احمد الميكالي يقول قال اعرابي لامرأته اين بلغت قدركم فقالت قد قام خطيبها تكنى عن الغليان " وقيل " للجماز اي البقول احب اليك فقال بقلة الذئب يعني اللحم ودخل الي يوماً بعض الظرفاء من الفقهاء فطاولني الحديث ثم قال لي ما قبل قوله تعالى لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً فقلت آتينا غداءنا قال فاعمل عليه فاستظرفت هذه النادرة وأمرت بتقديم ما يتناوله " وكان " الطبري يقول إذا رأيت النديم يقترح ان تغني هذا البيت

خليلي داويتما ظاهراً ... فمن ذا يداوي جوى باطنا

فاعلم انه جائع يريد أن يطعم " قال " ولهذا قصة وهي أن رجلا دخل دعوة وفيه جوع شديد فسأله المطرب عن المقترح من الغناء فاقترح هذا البيت ففطنت لمراده جارية صاحب المنزل وقالت لمولاها أطعم الرجل فانه جائع " وقيل " لبعضهم أي الجوارشات أحب اليك فقال جوارش الحنطة يعني الخبز " وللصوفية " كنايات عن الاطعمة استظرفت منها قولهم يحمل الشهيد بن الشهيد وللقطائف قبور الشهداء وللفالوذج خاتمة الخير وللارز بالسكر الشيخ الطبري بالطيلسان العسكري وللوزينج أصابع الحور وكان الجاحظ يأكل يوما مع محمد بن عبد الملك الزيات فجئ بفالوذجة فتولع محمد بالجاحظ وأمر أن يجعل من جهته مارق من الجام فأسرع في الاكل حتى نظف ما بين يديه فقال محمد ياأبا عثمان قد تقشعت سماؤك قبل سماء الناس فقال أصلحك الله لان غيمها كان رقيقا " فصل في الكناية عن الشراب والملاهي وما يضاف اليهما " الاصل في هذا الفصل قول الشاعر

ألا فاسقني الصهباء من حلب الكرم ... ولا تسقني خمراً بعلمك أو علمي

أليست لها أسماء شتي كثيرة ... فهات أسقنيها واكن عن ذلك الاسم

" ويقال " استمطر فلان سحاب الانس واستدر حلوبة السرور وقدح زند اللهو واقتعد غارب الطرب وفلان يروم دم العناقيد ويفصد عروق الدنان وينظم عقود الاخوان وحكى الصولي قال كان خلاد ينقل أخبار أبي حفص بن أيوب الي ابن طولون فقال له حفص يا سيدي أبا الفضل انما مجلس المدام مجمع الانسة ومسرح اللبانة وهداد الهم ومرتع اللهو ومعهد السرور أو بما بواسطته لانك عندي ممن لايتهم غيبه وكتب الصاحب ينشط مولانا لتناول ما يستمد السرور ويستجلب الانس ويشرح الصدر " وكتب آخر " إذا حرم الانبساط في وجوه المطالب حل ما يجمع شمل الاخوان ويفرق أنواع الاحزان " وكنى " عنه بعضهم باكسير السرور وكيمياء الفرح وترياق الهموم وصابون الغموم ولحام ارحام الكرام " وكتب آخر " عدنا لقداح اللهو فأجلناه ولمراكب السرور فامتطيناها " وذكر الطبري " في كتاب الامثال المولدة انه يقال للسكران إذا بلغ غلية السكر قد عبر موسى البحر " وسئل " عبيد رواية الاعشى عن معنى قول الاعشى

وسبية مما تعتق بابل ... كدم الذبيح سلبتها جريالها

فقال قد سألت الاعشى عن ذلك فقال قد شربتها حمراء وبلتها حمراء والجريال لون الخمر " ويروي " عن الشعبي انه قال ما سمعت في الكنايات والمعاريض أحسن مما دار بين عبيد الله وبين الحارث بن بدر قال له يوما ما هذا الخدش بوجهك فقال سقطت عن فرس لي أشقر يعني الخمر فقال أين أنت عن الاشهب الوطيء يعني الماء " ويقال " في الكناية عن القليل الشرب فلان مسعطى وهو قول ابن لنك

فديتك لو علمت ببعض مابي ... لما جرعتني الا بمسعط

ووحسبك ان كرما في جواري ... أمر ببابه فأكاد أسقط

وأنشدني أبو جعفر محمد بن موسى الموسوي لبعضهم

ويدعي الشرب في رطل وباطية ... وأم عنترة العبسي تكفيه

<<  <   >  >>