وَاحْتج المخالفون بِأَن قَالُوا كَون مَقْدُورًا وَاحِد بَين قَادِرين يُفْضِي إِلَى محَال وَمَا أفْضى إِلَى الْمحَال كَانَ محالا
أما إفضاؤه إِلَى الْمحَال فَلِأَن كل وَاحِد مِنْهُم لَو بَاشر فعل مقدوره فِي مَحل آخر أَو فِي جِهَة أُخْرَى لزم أَن يكون شَيْء وَاحِد مَوْجُودا فِي محلين أَو جِهَتَيْنِ مختلفتين وَهَذَا محَال وَمن شكّ فِي استحالته دلّ على نُقْصَان فِي عقله
وَأما إِن يُفْضِي إِلَى الْمحَال كَانَ محالا فَلِأَن إفضاء المفضيات وتأثير المؤثرات من الْأُمُور اللَّازِمَة وَالصِّفَات الذاتية للْفِعْل والمؤثر ويستحيل إِن يُوجد الْمُؤثر وَلَا يكون لَهُ تَأْثِير وإفضاء إِلَى حكمه وَإِذا اسْتَحَالَ وجود حكمه اسْتَحَالَ وجوده لَا محَالة
وَيظْهر ذَلِك بالحركة مَعَ السّكُون فَإِنَّهُ لما اسْتَحَالَ إِن يكون الْمحل الْوَاحِد سَاكِنا متحركا وأسود أَبيض فِي حَالَة وَاحِدَة اسْتَحَالَ وجود الْحَرَكَة مَعَ السّكُون والسواد مَعَ الْبيَاض فِي مَحل وَاحِد فِي وَقت وَاحِد لِأَن الْحَرَكَة عِلّة للتحركية والسكون عِلّة للساكنية
كَذَلِك فِيمَا نَحن فِيهِ إِذا اسْتَحَالَ وجود مَقْدُور وَاحِد فِي جِهَتَيْنِ مُخْتَلفين اسْتَحَالَ كَونه مَقْدُورًا لقادرين لِأَنَّهُ هُوَ المفضي إِلَى ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute