آخر وَإِذا وَجب الْفِعْل لأَجله لم يكن ذَلِك الْفِعْل هُوَ الَّذِي تنَاوله الْأَمر الأول لِأَنَّهُ لَو تنَاوله الأول لوَجَبَ لأجل الأول
وَلقَائِل أَن يَقُول إِذا أردتم بقولكم يجب الْفِعْل لأَجله أَنه دَلِيل على وجوب الْفِعْل فَكَذَلِك نقُول وَذَلِكَ لَا يمْنَع من أَن يجب لأجل دَلِيل آخر وَإِن أردتم أَنه لَو انْفَرد الْأَمر لوَجَبَ الْفِعْل لأَجله لَا لأجل الْأَمر الأول فَصَحِيح غير أَن يكون الْفِعْل وَاجِبا لَا لأجل أَمر آخر لَيْسَ هُوَ من فَائِدَة الْأَمر حَتَّى يلْزم أَن يَقْتَضِيهِ وَإِن تقدمه أَمر آخر لَكِن إِنَّمَا يلْزم ذَلِك لفقد أَمر سواهُ وَهَذَا قَائِم فِي مَسْأَلَتنَا
وَاسْتدلَّ أَيْضا بِأَن الْمَعْقُول من الْأَمر الثَّانِي فِي الشَّاهِد مَأْمُور ثَان وَهَذِه دَعْوَى لَا يُسَلِّمهَا الْخصم وَاسْتدلَّ أَيْضا بِأَن الظَّاهِر من تغاير الْأَلْفَاظ تغاير الْمَعْنى وللخصم أَن يمْنَع من ذَلِك فان قَالُوا إِنَّمَا كَانَ هَذَا هُوَ الظَّاهِر ليَكُون للْكَلَام الثَّانِي فَائِدَة قيل فَذَلِك رُجُوع إِلَى دَلِيل آخر سَنذكرُهُ
وَيُمكن أَن يسْتَدلّ فِي الْمَسْأَلَة فَيُقَال إِن الْغَرَض بِالْأَمر هُوَ استدعاء الْفِعْل لِأَنَّهُ هُوَ المطابق لصيغته فَلَا يَخْلُو الْأَمر الثَّانِي إِمَّا أَن يكون فعل لاستدعاء الْفِعْل الأول أَو لغيره فان فعل للاستدعاء الأول فقد فعل الْغَرَض مَا قد حصل بِالْأولِ وَذَلِكَ عَبث فَوَجَبَ حمله على فعل آخر فان قيل مَا أنكرتم أَن يكون الْغَرَض تَأْكِيد الْحَث على الْفِعْل واستدعائه قيل لَيْسَ فِي ظَاهره التَّأْكِيد وَإِنَّمَا فِي ظَاهره الْفِعْل فَحَمله على التَّأْكِيد حمل على غير ظَاهره فان قَالُوا وَلَيْسَ فِي ظَاهره فعل ثَان كَمَا لَيْسَ فِي ظَاهره التَّأْكِيد قيل نَحن إِذا حملناه على فعل ثَان فقد حملناه على الْفِعْل وَذَلِكَ فِي ظَاهره وَلقَائِل أَن يَقُول وَنحن إِذا حملناه على التَّأْكِيد فانا نحمله على فعل ايضا وَبِالْجُمْلَةِ كل منا يحملهُ على فعل فَأنْتم تُرِيدُونَ فِيهِ أَن يكون الْفِعْل ثَانِيًا وَنحن نُرِيد فِيهِ التَّأْكِيد وَلَيْسَ وَاحِد مِنْهُمَا فِي ظَاهر الْأَمر وَالْأَشْبَه أَن يُقَال فِي ذَلِك بِالْوَقْفِ
وَأما إِن كَانَ الْأَمر الثَّانِي مَعْطُوفًا على الأول فَأَنَّهُ إِن لم يكن مُعَرفا فانه