وقاس أَبُو عَليّ رَحمَه الله الْخَبَر على الشاهدة لعِلَّة أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا إِخْبَار عَن الْغَيْر يجب عِنْده الْعَمَل فَكَانَ من شَرطه الْعدَد وَهَذِه عِلّة غير مَعْلُومَة فَلَا يجوز الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا فِيمَا يجب فِيهِ الْعلم وَلَيْسَ يمْتَنع أَن تكون الشَّهَادَة إِنَّمَا شَرط فِيهَا الْعدَد لكَونهَا شَهَادَة وَلِهَذَا قبل فَتْوَى الْفَقِيه الْوَاحِد لما لم يكن شَهَادَة وَلِهَذَا لم يعْتَبر فِي الْمخبر مَا اعْتبر فِي الشَّاهِد من الْحُرِّيَّة
فصل فِي الْخَبَر إِذا أسْندهُ من أرسل غَيره من الْأَحَادِيث هَل يقبل أم لَا
وَمِنْهُم من لم يقبل مَا اسنده قَالَ إِن إرْسَاله يدل على أَنه إِنَّمَا لم يذكر الرَّاوِي لضَعْفه فِي نَفسه فستره لَهُ وَالْحَال هَذِه خِيَانَة فَلم يقبل حَدِيثه
وَاخْتلف من قبل من حَدِيث الْمُرْسل مَا اسنده كَيفَ يقبله فَقَالَ الشَّافِعِي لَا يقبل من حَدِيثه إِلَّا مَا قَالَ فِيهِ حَدثنِي أَو سَمِعت وَلَا يقبل إِذا أَتَى بِلَفْظ موهم وَقَالَ بعض أَصْحَاب الحَدِيث لَا يقبل حَتَّى يَقُول سَمِعت فلَانا وَأَصْحَاب الحَدِيث يفرقون بَين أَن يَقُول الْإِنْسَان حَدثنِي فلَان أَو أَخْبرنِي فلَان فيجعلون الأول دَالا على أَنه شافهه بِالْحَدِيثِ ويجعلون الثَّانِي مترددا بَين المشافهة بِالْحَدِيثِ وَبَين أَن يكون قد أجَازه أَو كتب بِهِ إِلَيْهِ وَهَذِه عَادَة لَهُم وَإِلَّا فَظَاهر قَوْله أَخْبرنِي يُفِيد أَنه تولى إخْبَاره بِالْحَدِيثِ وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا بالمشافهة