فصل فِي رِوَايَة الحَدِيث بِغَيْر لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل يرد لَهُ الحَدِيث أم لَا
إِذا رُوِيَ الحَدِيث بِلَفْظ غير لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فان لم يسند مُسْنده بل زَاد أَو نقص أَو كَانَ أوضح مِنْهُ أَو أُخْفِي مِنْهُ فانه لَا يجوز ذَلِك لِأَن مَا زَاد على كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ كذب عَلَيْهِ لَا يجوز قبُوله وَمَا نقص عَنهُ فانه إِمَّا أَن ينبىء عَن أَنه رفع حكما قد اثبته فَلَا يجوز قبُوله أَو يكون فِيهِ كتمان لحكم قد أثْبته وَالْكذب والكتمان محظوران وَلَا يجوز الْعُدُول إِلَى لفظ أظهر من لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أخْفى مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع ان يتَعَلَّق الْمصلحَة بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الْخَفي أَو الظَّاهِر أَلا ترى أَنه قد يجوز أَن يكون من الْمصلحَة أَن يعرف الحكم بِاللَّفْظِ الْجَلِيّ تَارَة وبالخفي أَو بِالْقِيَاسِ تَارَة وَإِن سد اللَّفْظ مسد لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فان اشتبهت الْحَال فِيهِ حَتَّى يكون مَوضِع اجْتِهَاد لم يجز ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع ان يكون لَو نقل لفظ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى غَيره أَن يكون اجْتِهَاد غَيره فِيهِ خلاف اجْتِهَاده وَإِن لم تشتبه الْحَال فِيهِ نَحْو قَول الْقَائِل جلس وَقعد فانه يجوز الْعُدُول عَن أَحدهمَا إِلَى الآخر وَيقبل الْخَبَر وَهُوَ مَذْهَب الْحسن الْبَصْرِيّ وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ رَحِمهم الله لِأَنَّهُ إِن وَجب نقل الحَدِيث لأجل اللَّفْظ فَقَط دَفعه الْإِجْمَاع وَإِن وَجب لأجل اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَجب تِلَاوَة اللَّفْظ وَلَا دَلِيل فِي الْعقل وَلَا فِي الشَّرْع يَقْتَضِي كوننا متعبدين بِتِلَاوَة لفظ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَبَقيَ أَنه يجب نقل حَدِيثه لأجل الْمَعْنى وَهَذَا الْغَرَض حَاصِل وَإِن عدل الرَّاوِي إِلَى لفظ يقوم مقَام لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَفَارق الْأَذَان وَالتَّشَهُّد لِأَن الشَّرْع اقْتضى كوننا متعبدين بِتِلَاوَة ألفاظها فان قاسوا خطاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على التَّشَهُّد أعوزتهم على صَحِيحَة تجمع بَينهمَا وَلم يكن ذَلِك بِأولى من قِيَاسه على الشَّهَادَة وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نصر الله امرء سمع مَقَالَتي فأداها كَمَا سَمعهَا فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ وَرب