يمْنَع من نسيانه لَهَا وَالْأولَى أَن يُقَال أَظُنهُ من رِوَايَته لما لم يسمعهُ توهما مِنْهُ أَنه سَمعه الْأَقْرَب أَن يكون نَسِيَهَا حِين لم يروها لِأَن نِسْيَان الضَّابِط لما سمع عِنْد تطاول الزَّمَان أَكثر وأغلب من ذَهَابه عَن سَماع مَا حَضَره فَوَجَبَ لذَلِك قبُول الزِّيَادَة
وَإِذا روى الرَّاوِي الحَدِيث تَارَة مَعَ زِيَادَة وَتارَة بِغَيْر زِيَادَة استهانة وَقلة تحفظ سَقَطت عَدَالَته وَلم يقبل حَدِيثه وَإِذا كَانَ فِي الْخَبَر لفظ لَا يُفِيد إِلَّا التَّأْكِيد لم يجز إِسْقَاطه لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ذكره إِلَّا لفائدة
فَأَما إِذا خَالف فِي لفظ الحَدِيث حفاظ أهل النَّقْل فقد ذكر ذَلِك فِي جملَة مَا يرد لَهُ الحَدِيث وَهُوَ دَاخل فِي الزِّيَادَة وَقد ذَكرْنَاهُ الْآن لِأَن الْخلاف لَيْسَ يَقع بَينهم إِلَّا بِأَن يزِيد أحدهم فِي الحَدِيث مَا لَا يرويهِ الآخر اَوْ يروي أَحدهمَا اللَّفْظ على إِعْرَاب يروي الآخر خِلَافه وَقد تقدم بَيَان ذَلِك كُله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي ذكر فُصُول أَحْوَال الرَّاوِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
[فصل]
اعْلَم أَنه لما وَجب رد الْخَبَر إِذا كَانَ الرَّاوِي غير عدل وَجب أَن نذْكر مَا الْعدْل وَمَا الْعَدَالَة ثمَّ نذْكر الدّلَالَة على اشْتِرَاط الْعَدَالَة فِي الْأَخْبَار
أما الْعدْل والعدلة فهما فِي اللُّغَة مصدر مُقَابل الْجور وَهُوَ إيضاف الْغَيْر بِفعل مَا يجب لَهُ وَيسْتَحق عَلَيْهِ وَترك مَا لَا يجب عَلَيْهِ وَلِهَذَا وصف الْعقَاب بِأَنَّهُ عدل لما كَانَ مُسْتَحقّا على المعاقب ويوصف ترك الزِّيَادَة عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عدل ويوصف الثَّوَاب بِأَنَّهُ عدل لما كَانَ وَاجِبا للمثاب فان قيل فَيجب إِذا لم يجب على الْإِنْسَان حق لغيره وَكَانَ مَا يسْتَحقّهُ على غَيره لَا يَسْتَوْفِيه أَن يُوصف بِأَنَّهُ غير عدل قيل لَا يجوز ذَلِك لِأَن قَوْلنَا غير عدل يُطلق على الجائر وَإِطْلَاق هَذَا الْوَصْف على مَا ذكره السَّائِل يُوهم أَنه جَائِر