يذكرهُ إِلَّا بعد زمَان طَوِيل وَرُبمَا لم يذكرهُ أصلا فاذا كَانَ كَذَلِك جَازَ للمروي عَنهُ أَن يرويهِ عَن الرَّاوِي كَمَا قَالَ الزُّهْرِيّ حَدثنِي ربيعَة عني فان قَالَ الْمَرْوِيّ عَنهُ مَا رويت هَذَا الحَدِيث جَازَ أَن يكون قَالَ ذَلِك بِحَسب ظَنّه فَلَا يرد الحَدِيث فان قَالَ أعلم أَنِّي مَا رويته فانه تعَارض ذَلِك رِوَايَة من روى عَنهُ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا ثِقَة فَيحْتَمل أَن يكون الْمَرْوِيّ عَنهُ قد رَوَاهُ ثمَّ نَسيَه وَيحْتَمل أَن يكون الرَّاوِي سَمعه من غَيره مِمَّن لَيْسَ بِثِقَة وأسنده إِلَى من أسْندهُ إِلَيْهِ سَهوا
فصل فِي أَن الْخَبَر لَا يرد إِذا كَانَ رَاوِيه وَاحِدًا
ذهب جلّ الْقَائِلين بأخبار الْآحَاد إِلَى قبُول الْخَبَر وَإِن رَوَاهُ وَاحِد وَقَالَ أَبُو عَليّ إِذا روى العدلان خَبرا وَجب الْعَمَل بِهِ وَإِن رَوَاهُ وَاحِد فَقَط لم يجز الْعَمَل بِهِ إِلَّا بِأحد شُرُوط مِنْهَا أَن يعضده ظَاهر أَو عمل بعض الصَّحَابَة أَو اجْتِهَاد أَو يكون منتشرا وَحكى عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح أَنه لم يقبل فِي الزِّنَا إِلَّا خبر اربعة كَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلم تقبل شَهَادَة الْقَابِلَة الْوَاحِدَة
وَالدَّلِيل على القَوْل الاول قِيَاسه على أَخْبَار الْمُعَامَلَات على مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب الْمُتَقَدّم وَيدل عَلَيْهِ إِجْمَاع السّلف عمل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ على خبر رَوَاهُ بِلَال وَعمل عمر على خبر حمل بن مَالك وعملت الصَّحَابَة على خبر أبي سعيد فِي الرِّبَا وعملت على خبر أبي رَافع فِي المخابرة وَكَانَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام يسْتَحْلف وَيقبل خبر ابي بكر بِغَيْر استحلاف وَلَيْسَ يجوز أَن يُقَال لَعَلَّهُم قبلوا مَا قبلوه لِأَن اجْتِهَادًا عضده لأَنهم كَانُوا يتركون اجتهادهم لبَعض هَذِه الْأَخْبَار وَكَانُوا لَا يرَوْنَ بالمخابرة بَأْسا حَتَّى رُوِيَ لَهُم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّهْي عَنْهَا
وَحجَّة أبي عَليّ رَحمَه الله هِيَ الْمرجع فِي قبُول خبر الْوَاحِد إِلَى الشَّرْع وَقد رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعْمل على خبر ذِي الْيَدَيْنِ حَتَّى سَأَلَ ابا بكر وَعمر وَقد اعْتبرت الصَّحَابَة الْعدَد فِي الْأَخْبَار فان ابا بكر لم يقبل خبر الْمُغيرَة فِي الْجدّة حَتَّى رَوَاهُ مَعَه مُحَمَّد بن مسلمة وَلم يعْمل عمر على خبر أبي مُوسَى فِي الاسْتِئْذَان