للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكَلَام مِمَّا يفْتَقر إِلَى الِاسْتِدْلَال فَأَما الصَّبِي فالأغلب أَن النَّفس لَا تثق بروايته فان جَازَ فِي بعض الْحَالَات أَن يغلب الظَّن لصدقه فالشرع مِنْهُ من قبُول خَبره إِذا رَوَاهُ وَهُوَ صبي فان سمع الحَدِيث وَهُوَ صبي وَرَوَاهُ وَهُوَ بَالغ قبل خَبره وَقد قبلت الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهَا رِوَايَة ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَ حِين سَمعهَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير بَالغ لما كَانَ حِين رَوَاهَا بَالغا وَيقبل رِوَايَة الْمَرْأَة وَالْعَبْد وَالْأَعْمَى من حفظه لِأَنَّهُ قد يظنّ صدقهم فِي روايتهم وَلم تمنع الشَّرِيعَة من قبُولهَا بل قد قبلت الصَّحَابَة رِوَايَة ابْن عَبَّاس وَكَانَ ضريرا وَرِوَايَة النِّسَاء وَيقبل رِوَايَة من لم يرو إِلَّا خَبرا وَاحِدًا وَلم يكاثر أهل الْعلم وَلَا أَطَالَ مجالسة أهل النَّقْل لِأَن كل خصْلَة لَا تقدح فِي غَالب الظَّن لصِحَّة الرِّوَايَة وَلم يرد الشَّرْع بِاعْتِبَار نَفيهَا فانها لَا تمنع من قبُول الحَدِيث وَكَون الرَّاوِي غير مجَالِس لأهل الْعلم لَا يقْدَح فِي ظننا صدقه

وَيُفَارق ذَلِك استفتاء من لم يُجَالس أهل الْعلم لِأَن جَوَاز الاستفتاء مَوْقُوف على كَون الْمُفْتِي من أهل الِاجْتِهَاد وَلنْ يكون الْإِنْسَان كَذَلِك إِلَّا بالتعلم ومجالسة الْعلمَاء إِلَّا أَنه إِذا تعَارض خبران أَحدهمَا يرويهِ من لم يُجَالس اهل النَّقْل وَالْآخر يرويهِ من جالسهم كَانَت رِوَايَة من جالسهم أولى لِأَن المكثر من مجالسة أهل الصَّنْعَة أخبر بهَا وَأعرف بتفاصيلها

وَيقبل حَدِيث الْإِنْسَان وَإِن اخْتلف فِي اسْمه مَتى عرفت عَدَالَته إِمَّا بِظَاهِر الْإِسْلَام وَإِمَّا بطريقة زَائِدَة وَإِذا روى زيد عَن عَمْرو خَبرا فَقَالَ عَمْرو لَا أذكر أَنِّي رويت هَذَا الحَدِيث فَعِنْدَ أبي الْحسن رَحمَه الله لَا يقبل الحَدِيث لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الرِّوَايَة فاذا أنكرها لم يقبل وَكَذَلِكَ رد حَدِيث ربيعَة عَن الزُّهْرِيّ أَيّمَا امراة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل لِأَن الزُّهْرِيّ أنكر أَن يكون رَوَاهُ وَعند الشَّافِعِي وَغَيره أَنه يقبل لِأَن ثِقَة الرَّاوِي تَقْتَضِي قبُول حَدِيثه مَا أمكن وَيُمكن أَن يكون صَادِقا وَإِن لم يذكر الْمَرْوِيّ عَنهُ لِأَنَّهُ يجوز أَن ينسى أَنه رَوَاهُ فقد يحدث الْإِنْسَان بِحَدِيث من أَمر الدُّنْيَا ثمَّ يسهو عَنهُ وَيذكر بِهِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>