للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَيْسَ لَهُ أَن يَقُول الظَّاهِر من الْعدْل أَنه لَا يروي الحَدِيث وَهُوَ يتهم ضبط نَفسه وَحفظه لِأَن من لَا يضْبط يظنّ أَنه قد ضبط وَمن سَهَا يظنّ أَنه مَا سَهَا فيروي حسب ظَنّه

وَالثَّانِي أَن يتساوى ضَبطه واختلاله فَلَا يحصل الظَّن أَيْضا لصِحَّة مَا رَوَاهُ لتعادل الْأَمريْنِ فَلَا يقبل حَدِيثه إِن قيل أَلَيْسَ قد أنْكرت الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهَا على أبي هُرَيْرَة رَحمَه الله كَثْرَة الرِّوَايَة ثمَّ قبلت أخباره قيل إِنَّهَا لم تنكر عَلَيْهِ لقلَّة ضَبطه لَكِن لِأَن الْكَثْرَة يعرض فِيهَا الاختلال والسهو فاحتاطت بالإنكار عَلَيْهِ وَإِن كَانَ أَهلا لقبُول أخباره وَذكر قَاضِي الْقُضَاة فِي الشَّرْح أَنه إِذا تساوى غفلته وَذكره قبل خَبره لِأَن الْخَبَر أَمارَة فَالْأَصْل فِيهِ الصِّحَّة وَلقَائِل أَن يَقُول إِن الْخَبَر أَمارَة إِذا تكاملت شَرَائِطه وَلَا تتكامل شَرَائِطه إِلَّا أَن يتَرَجَّح ذكر الرَّاوِي على سَهْوه

وَالثَّالِث إِن كَانَ الْأَكْثَر مِنْهُ الذّكر وجودة الضَّبْط قوي الظَّن لصِحَّة رِوَايَته فَقبل خَبره فِيمَا لَا يعلم أَنه سَهَا فِيهِ

وَاعْلَم أَنه إِذا ثَبت اعْتِبَار الْعَدَالَة وَغَيرهَا من الشَّرَائِط الَّتِي ذَكرنَاهَا وَجب إِن كَانَ لَهَا ظَاهر أَن يعْتَمد عَلَيْهِ وَإِلَّا لزم اخْتِيَارهَا وَلَا شُبْهَة أَن فِي بعض الْأَزْمَان كزمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قد كَانَت الْعَدَالَة منوطة بِالْإِسْلَامِ فَكَانَ الظَّاهِر من الْمُسلم كَونه عدلا وَلِهَذَا اقْتصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قبُول خبر الْأَعرَابِي عَن رُؤْيَة الْهلَال على ظَاهر الاسلام واقتصرت الصَّحَابَة على إِسْلَام من كَانَ يروي الْأَخْبَار من الْأَعْرَاب فَأَما الْأَزْمَان الَّتِي كثرت فِيهَا الْجِنَايَات مِمَّن يعْتَقد الْإِسْلَام فَلَيْسَ الظَّاهِر من إِسْلَام الْإِنْسَان كَونه عدلا فَلَا بُد من اختباره وَقد ذكر الْفُقَهَاء هَذَا التَّفْصِيل

وَلَا يرد حَدِيث من لَا يعرف معنى مَا يَنْقُلهُ كالأعجمي لِأَن جَهله بِمَعْنى الْكَلَام لَا يمْنَع من ضَبطه الحَدِيث وَلِهَذَا يُمكن للأعجمي ان يحفظ الْقُرْآن وَإِن لم يعرف مَعْنَاهُ وَقد قبلت الصَّحَابَة أَخْبَار الْأَعْرَاب وَإِن لم يعرفوا كثيرا من مَعَاني

<<  <  ج: ص:  >  >>