للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خص بِهِ آيَة السّرقَة قد ورد بِلَفْظ النَّفْي كَقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا قطع إِلَّا فِي ثمن الْمِجَن وَقَوله لَا قطع فِي ثَمَر وَلَو كثر وَقَوْلهمْ إِن هَذِه الْأَعْيَان لَا تخرج أَعْيَان السراق وَلَيْسَ كَذَلِك مَا خص آيَة الْمُشْركين لِأَنَّهُ يخرج الْأَعْيَان لَا يمْنَع من الِاسْتِدْلَال على كل وَاحِد مِنْهُمَا من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَأَيْضًا فَإِن مَا دلّ على اشْتِرَاط الْحِرْز والمقدار قد أخرج الْأَعْيَان لِأَنَّهُ قد دلّ على أَن من لم يخْتَص بالشرطين لَا يجوز قطعه وَقَوْلهمْ إِن حد السّرقَة يدل على أَن الْقطع يسْتَحق لأجل السّرقَة وشتراط الْحِرْز يمْنَع من اسْتِحْقَاق الْقطع بِمُجَرَّد السّرقَة فَكَانَ مُجملا لَا يُوجب الْفَصْل بَين الْآيَتَيْنِ لِأَن قَوْله {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} بفيد اسْتِحْقَاق الْقَتْل لأجل الشّرك فَقَط فاشتراط الِامْتِنَاع من إِعْطَاء الْجِزْيَة يمْنَع من اسْتِحْقَاقه بالشرك وعَلى أَنَّهُمَا لَو انفصلا من هَذَا الْوَجْه لم يمْنَع أَن يتَّفقَا فِي صِحَة الِاسْتِدْلَال بهما من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ فَإِن فصلوا بَينهمَا بِأَن أحد الدَّلِيلَيْنِ إِثْبَات وَالْآخر نفي فَهُوَ فصل غير مُؤثر وَقد تكلمنا فِيهِ وَقد فصل الشَّيْخ أَبُو عبد الله بَين قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر وَبَين آيَة السّرقَة بِأَن مَا دلّ على أَنه لَا عشر فِي أَرض الْخراج هُوَ بَيَان لصفة الْخَارِج لَا لصفة الْعشْر الْمَأْخُوذ وَهَذَا لَا يمْنَع من انْتِقَاض علته وَهِي أَنه قد أَخذ الْعشْر بِشَرْط لَا ينبيء عَنهُ الْخَبَر وَلَا يمْنَع ذَلِك من التَّعَلُّق بِاللَّفْظِ وعَلى أَن اشْتِرَاط الْحِرْز والمقدار لَيْسَ هُوَ بَيَان لصفة الْقطع وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لمقدار الْمَسْرُوق وموضعه فَلَا فرق بَينهمَا وَقَالَ أَيْضا إِنَّمَا صَحَّ التَّعَلُّق بِخَبَر الأوساق لِأَن الْأمة قد تعلّقت بِهِ فَيُقَال لَهُ إِجْمَاع الْأمة على ذَلِك يدلنا على بطلَان القَوْل بِأَنَّهُ مُجمل لَا ينبيء عَن المُرَاد لِأَن الْأمة لَا تجمع على الِاسْتِدْلَال بِمَا لَيْسَ بِدَلِيل

<<  <  ج: ص:  >  >>