للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاجِبَات الْعَقْلِيَّة الَّتِي يَفْعَلهَا الْمُسلم وَلَو أسلم وَفعل الشرعيات فعل تِلْكَ الْوَاجِبَات قيل لَهُم قد سلمتم الْمَسْأَلَة وَقد وَجب اسْتِحْقَاقه الْعقَاب لِأَنَّهُ قد فَوت نَفسه مصلحَة يُمكنهُ التَّوَصُّل إِلَيْهَا وَهَذَا الدَّلِيل إِنَّا يَصح على قَول من قَالَ لَا يجوز أَن يكون علم الْمُكَلف بنبوة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِانْفِرَادِهِ مصلحَة فِي العقليات فَأَما من جوز ذَلِك فَلَا يمْتَنع ان يَقُول يلْزمه ذَلِك لهَذَا الْوَجْه فَإِذا علم نبوته لَزِمته شَرِيعَته وَيدل عَلَيْهِ قَوْله سُبْحَانَهُ {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين} الْآيَة وَهَذَا فِي الْكَافِر

وَاحْتج الْمُخَالف بأَشْيَاء

وَمِنْهَا أَنه لَو كَانَ الْكَافِر مُكَلّفا للشرعيات لكلف مَا لَا يطيقه لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل أَن يفعل الشرعيات عبَادَة وقربة مَعَ كفره وَالْجَوَاب أَن المستحيل هُوَ أَن يضم الشرعيات إِلَى كفره وَلم يُكَلف ذَلِك وَإِنَّمَا كلف الصَّلَاة بِأَن يقدم الْإِسْلَام فَإِن قَالُوا كَذَلِك نقُول قيل أَنْتُم تَجْعَلُونَ الشَّرْط فِي كَونهَا مُرَادة مِنْهُ تَقْدِيم إِسْلَامه وَإِذا لم يسلم لَا يسْتَحق الْعقَاب على إخلاله بِالصَّلَاةِ وَنحن نلحق بِهِ الْعقَاب ونقول إِن الله سُبْحَانَهُ قد اراد مِنْهُ الصَّلَاة بِأَن يقدم الْإِسْلَام عَلَيْهَا فَإِن وافقتم فِي الْعقَاب فقد زَالَ الْخلاف فِي الْمَسْأَلَة لِأَنَّهُ لَيْسَ للمسألة فَائِدَة إِلَّا فِي الِاسْتِحْقَاق للعقاب وفوات الْمصلحَة وَنَظِير ذَلِك تَكْلِيف الْمُحدث للصَّلَاة بِأَن يزِيل الْحَدث فَإِن لم يفعل اسْتحق الْعقَاب على الْإِخْلَال بِالْوضُوءِ وَالصَّلَاة وَيُفَارق تَكْلِيف الْحَائِض الصَّلَاة بِأَن تزيل الْحيض لِأَن ذَلِك غير مُمكن لَهَا وَإِزَالَة الْحَدث مقدورة وَيُمكن أَن يحتجوا ويقولوا لَو كلف الْكَافِر الشرعيات لم يخل إِمَّا أَن يُكَلف إيقاعها مضامة للكفر وَذَلِكَ غير مُمكن أَو يُكَلف فعلهَا بِشَرْط أَن لَا يكفر فَيجب أَن يكون الله سُبْحَانَهُ قد كلف الشرعيات من يعلم أَنه لَا يُؤمن بِشَرْط يعلم أَنه لَا يحصل وَذَلِكَ مُسْتَحِيل عنْدكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>