اعْلَم أَن الْعُمُوم إِذا علق حكما على أَشْيَاء وَورد لفظ يُفِيد تَعْلِيق ذَلِك الحكم على بَعْضهَا فانه لَا يجب انْتِفَاء الحكم عَمَّا عدا ذَلِك الْبَعْض وَحكى أَن أَبَا ثَوْر أوجب ذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ إِن قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَاة مَيْمُونَة دباغها طهورها يخص قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر وَالَّذِي يبطل ذَلِك أَن التَّخْصِيص مَوْقُوف على التَّنَافِي فَلَو خص قَوْله دباغها طهورها قَوْله أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر لَكَانَ إِنَّمَا يَخُصُّهُ من حَيْثُ كَانَ تَعْلِيق الطَّهَارَة على تِلْكَ الشَّاة يدل على نَفْيه عَمَّا سواهَا من جِهَة دَلِيل الْخطاب وَهَذَا بَاطِل لأَنا قد بَينا أَن تَعْلِيق الحكم بِالِاسْمِ وبالصفة لَا يدل على انتفائه عَمَّا عداهما وَلَو دلّ على ذَلِك لَكَانَ صَرِيح الْعُمُوم أولى مِنْهُ لِأَن الصَّرِيح أولى من دَلِيل الصَّرِيح وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دباغها طهورها من حيّز دَلِيل الِاسْم وَتَعْلِيق الحكم على الِاسْم أَضْعَف فِي الدّلَالَة على نَفْيه عَمَّا عداهُ من تَعْلِيقه بِالصّفةِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي الْمُطلق والمقيد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن الْكَلَامَيْنِ إِذا قيد الثَّانِي مِنْهُمَا بِصفة فاما أَن يكون أَحدهمَا مُتَعَلقا بِالْآخرِ أَو لَا يكون مُتَعَلقا بِهِ فان كَانَ مُتَعَلقا بِهِ كَانَ الْكَلَام الأول مُقَيّدا بِتِلْكَ الصّفة على حسب مَا ذَكرْنَاهُ فِي رُجُوع الِاسْتِثْنَاء إِلَى جَمِيع الْكَلَام وَإِن لم يكن أحد الْكَلَامَيْنِ مُتَعَلقا بِالْآخرِ سَوَاء كَانَ مِنْهُ قَرِيبا أَو بَعيدا فانه لَا يَخْلُو حكماهما إِمَّا أَن يَكُونَا مُخْتَلفين أَو غير مُخْتَلفين فان كَانَا مُخْتَلفين فمثاله أَن نؤمر بالصلوات مُطلقًا ونؤمر بالصيام مُتَتَابِعًا فَلَا شُبْهَة فِي أَنه لَا يجب لذَلِك