العمومين لِأَن الآخر مَخْصُوص وَقَوْلهمْ إِن الشَّهَادَة لما قيدت بِالْعَدَالَةِ فِي مَوضِع قيد بهَا الشَّهَادَة الْمُطلقَة فِي مَوضِع آخر فَالْجَوَاب عَنهُ أَنا لم نستفد تَقْيِيد الْمُطلقَة لِأَن الشَّهَادَة الْأُخْرَى قيدت فِي مَوضِع آخر بل اسْتُفِيدَ ذَلِك بِشَيْء آخر وَقَوله إِن الْقُرْآن كُله كالكلمة الْوَاحِدَة فَيجب أَن يُقيد بعضه لما قيد بِهِ الْبَعْض الآخر وَلِهَذَا كَانَ قَول الله عز وَجل {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات} مَعْنَاهُ وَالذَّاكِرَات الله وَالْجَوَاب أَنهم إِن أَرَادوا بقَوْلهمْ إِن الْقُرْآن كالكمة الْوَاحِدَة فِي وجوب تَقْيِيده بِمَا قيد بِهِ الْبَعْض الآخر فَلَا نسلمه وَلِهَذَا لَا يُقيد بعضه بِمَا يُقيد بعض لَهُ فِي الحكم فَإِن أَرَادوا أَنه كالكلمة الْوَاحِدَة فِي أَنه لَا تنَاقض فِيهِ فَصَحِيح وَيُقَال لَهُم وَإِذا لم يكن فِيهِ تنَاقض وَكَانَ كُله صَحِيحا قيد بعضه بِمَا قيد بِهِ الْبَعْض الآخر وَأما قَوْله عز وَجل {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات} فانما كَانَ المُرَاد وَالذَّاكِرَات الله لِأَن الْكَلَام خرج مخرج الْمَدْح لَهُنَّ والحث لَهُنَّ على ذكر الله بِمَا ذكره من قَوْله أعد الله لَهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما فَلم يجز وَالْحَال هَذِه انْصِرَافه إِلَى جَمِيع أَنْوَاع الذّكر وَانْصَرف إِلَى ذكر الله لِأَنَّهُ مَذْكُور فِيمَا تقدم وَالْكَلَام الثَّانِي مَعْطُوف عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا حَال مسئلتنا
فَأَما من أَبى تَقْيِيد الْمُطلق بِالْقِيَاسِ فَأَما أَن أَبى ذَلِك لِأَن الْمُطلق لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّخْصِيص كَمَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْعين الْوَاحِدَة وَهَذَا بَاطِل لِأَن الْمُطلق يشْتَمل على جَمِيع صِفَات الشَّيْء وأحواله أَو لِأَن الْقيَاس غير دَلِيل أَو هُوَ دَلِيل لكنه لَا يخص بِهِ الْعَام وإفساد ذَلِك فِي الْقيَاس وَإِمَّا لِأَن تَقْيِيد الْمُطلق زِيَادَة فِي النَّص وَهُوَ نسخ وسنبين فِي النَّاسِخ والمنسوخ القَوْل فِي ذَلِك وَإِمَّا لِأَن الله عز وَجل استوفى حكم الْمُطلق والخصم مُخَالف فِي ذَلِك وَيَقُول قيام الدّلَالَة على صِحَة عِلّة الْقيَاس يدلني على أَن الله لم يسْتَوْف حكم الْمُطلق بِهَذَا الْكَلَام كَمَا نقُوله فِي الْعُمُوم