للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاء كَانَ مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ أَو علم المُرَاد بِهِ بِغَيْرِهِ وَكَانَ يُسَمِّي الْمُجْمل نصا وَبِهَذَا حَده الشَّيْخ أَبُو الْحسن وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن النَّص هُوَ خطاب يُمكن أَن يعرف المُرَاد بِهِ وَاعْلَم أَن النَّص يجب أَن يشْتَمل على ثَلَاث شَرَائِط أَحدهَا أَن يكون كلَاما وَالْآخر أَن لَا يتَنَاوَل إِلَّا مَا هُوَ نَص فِيهِ وَإِن كَانَ نصا فِي عين وَاحِدَة وَجب أَن لَا يتَنَاوَل سواهَا وَإِن كَانَ نصا فِي أَشْيَاء كَثِيرَة وَجب أَن لَا يتَنَاوَل سواهَا وَالْآخر أَن تكون إفادته لما يفِيدهُ ظَاهرا غير مُجمل وَأما اشْتِرَاط كَون النَّص عبارَة فَلِأَن أَدِلَّة الْعُقُول وَالْأَفْعَال لَا تسمي نصوصا وَأما اشْتِرَاط ظُهُور دلَالَته فَلِأَن الْمَفْهُوم من قَوْلنَا إِن الْعبارَة نَص فِي هَذَا الحكم أَنَّهَا تفيده على جِهَة الظُّهُور وَلِأَن النَّص فِي اللُّغَة مَأْخُوذ من الظُّهُور وَمن ذَلِك قَوْلهم منصة الْعَرُوس لما ظَهرت وَارْتَفَعت وَأما اشْتِرَاط إِفَادَة مَا هُوَ نَص فِيهِ فَقَط فَلِأَن الْإِنْسَان إِذا قَالَ لغيره اضْرِب عَبِيدِي لم يقل أحد إِنَّه قد نَص على ضرب زيد من عبيده لما أَفَادَهُ وَأفَاد غَيره وَيُقَال إِن كَلَامه نَص فِي ضرب جملَة عبيده لما لم يفد سواهُم فاذا ثَبت أَن هَذَا هُوَ الْمَعْقُول من النَّص وَجب بِأَن يحد بِأَنَّهُ كَلَام تظهر إفادته لمعناه لَا يتَنَاوَل أَكثر مِمَّا قيل إِنَّه نَص فِيهِ فَإِن قيل أَلَيْسَ يُقَال إِن الله قد نَص على وجوب الصَّلَاة وَإِن كَانَ قَوْله {أقِيمُوا الصَّلَاة} مُجملا قيل إِنَّه لَيْسَ بمجمل فِي إِفَادَة الْوُجُوب وَإِنَّمَا هُوَ مُجمل فِي إِفَادَة الصَّلَاة وَلَا يجوز أَن يُسمى مَعَ الْبَيَان نصا فِي إِفَادَة الصَّلَاة لِأَن قَوْلنَا نَص عبارَة عَن خطاب وَاحِد دون مَا يقْتَرن بِهِ وَلِأَن الْبَيَان قد يكون غير لفظ وَقَوْلنَا نَص عبارَة عَن الْأَقْوَال

وَأما الظَّاهِر فَهُوَ مَا لَا يفْتَقر فِي إِفَادَة مَا هُوَ ظَاهر فِيهِ إِلَى غَيره وَهُوَ مفارق للنَّص من هَذِه الْجِهَة ويشاركه فِي وجوب كَونه كلَاما وَفِي اخْتِصَاصه بالكشف وَنفي الْعُمُوم وَقَالَ قوم إِن الظَّاهِر هُوَ مَا ظهر المُرَاد بِهِ وَظهر فِيهِ غير المُرَاد إِلَّا أَن المُرَاد أظهر وَالْأول أصح لِأَن الْكَلَام مَتى وضح المُرَاد بِهِ فقد ظهر سَوَاء كَانَ مُحْتملا لغيره أَن لم يكن مُحْتملا لغيره

<<  <  ج: ص:  >  >>