للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَن يعرفهُ أَنه زيد

شُبْهَة

لَو حسنت المخاطبة بِالِاسْمِ الْمُشْتَرك من غير بَيَان فِي الْحَال لحسنت مُخَاطبَة الْعَرَبِيّ بالزنجية مَعَ الْقُدْرَة على مخاطبته بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا يبين لَهُ فِي الْحَال وَالْعلَّة الجامعة بَينهمَا أَن السماع لَا يعرف مُرَاد الْمُتَكَلّم بهما على حَقِيقَة فان قُلْتُمْ إِنَّه لم يحسن مخاطبته بالزنجية لِأَن الْعَرَب لَا تعرف بِكَلَام الزنج شَيْئا وتعرف بالْكلَام الْمُجْمل شَيْئا مَا وَهُوَ أَن الْمُتَكَلّم أَرَادَ أحد معنيي الِاسْم الْمُشْتَرك قيل لكم لَيْسَ يخلوا إِمَّا أَن تعتبروا فِي حسن الْخطاب الْمعرفَة بِكَمَال المُرَاد أَو تعتبروا الْمعرفَة بِبَعْض المُرَاد فان اعتبرتم الأول لزمكم أَن لَا يجوز تَأْخِير بَيَان الْمُجْمل لِأَنَّهُ لَا يُمكن مَعَ فَقده معرفَة كَمَال المُرَاد وَإِن اعتبرتم الثَّانِي لزمكم حسن مُخَاطبَة الْعَرَبِيّ بالزنجية لِأَن الْعَرَبِيّ إِذا عرف حكمه الزنْجِي الْمُخَاطب لَهُ علم أَنه قد اراد بخطابه شَيْئا مَا إِمَّا الْأَمر وَإِمَّا النَّهْي وَإِمَّا غَيرهمَا وَالْجَوَاب أَن الْمُعْتَبر فِي حسن الْخطاب أَن يتَمَكَّن السَّامع من أَن يعرف بِهِ مَا أَفَادَهُ الْخطاب وَهُوَ يتَمَكَّن من معرفَة مَا وضع لَهُ الِاسْم الْمُشْتَرك لِأَنَّهُ إِنَّمَا وضع لكل وَاحِد من معنييه على انْفِرَاده فالسامع لَهُ قد علم أَن مُرَاد الْمُتَكَلّم بِهِ إِمَّا هَذَا وَإِمَّا هَذَا وَهَذَا هُوَ التَّرَدُّد الَّذِي تَقْتَضِيه اللَّفْظَة كَمَا لَو قَالَ الْقَائِل للْمَرْأَة أُرِيد مِنْك أَن تعتدي بِشَيْء معِين من شَيْئَيْنِ إِمَّا الطُّهْر وَإِمَّا الْحيض أَنَّهَا قد فهمت مَا يُفِيد هَذَا الْخطاب من التَّرَدُّد بَين الطُّهْر وَالْحيض وَلَو قَالَ الرجل لغيره فِي الدَّار رجل فهم مِنْهُ السَّامع مَا يَقْتَضِيهِ الْخطاب من أَن شخصا فِيهِ معنى الرجولية فِي الدَّار وَإِن علم أَنه شخص معِين وَأما الْعَرَبِيّ فانه لَا يتَمَكَّن من أَن يعرف مَا وضع لَهُ خطاب الزنج فَلم يحسن أَن يُخَاطب بِهِ مُنْفَردا عَن بَيَان لِأَن ذَلِك الْخطاب إِمَّا أَن يكون أمرا أَو نهيا أَو خَبرا أَو استخبارا أَو غير ذَلِك وَالسَّامِع لَهُ من الْعَرَب لَا يتَمَكَّن من معرفَة ذَلِك فان قيل فَلَو كَانَ فِي كَلَام الزنج مَا هُوَ مُشْتَرك بَين الْأَمر وَالنَّهْي وَجَمِيع أَقسَام

<<  <  ج: ص:  >  >>