للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل الْأَمر على مُرَاده من تِلْكَ الْأَفْعَال كَانَ ذَلِك صربان أَحدهمَا أَن يكون الِاسْم المتناول الْأَفْعَال مُجملا كَقَوْلِه تَعَالَى {أقِيمُوا الصَّلَاة} وَالْآخر يكون الِاسْم ينبىء عَن صفتهَا لكنه عَام أُرِيد بعضه كَقَوْلِه تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} وَهُوَ لَا يُرِيد بَعضهم وَيجب فِي كلا الضربين أَن يبين الله تَعَالَى مُرَاده لمن أَرَادَ أَن يفهم الْخطاب دون من لم يرد أَن يفهمهُ أما من أَرَادَ أَن يفهمهُ فانه لَو لم يبين لَهُ المُرَاد مَعَ أَنه لَا سَبِيل لَهُ إِلَى مَا كلف من الْفَهم إِلَّا بِالْبَيَانِ كَانَ قد كلف مَا لَا سَبِيل لَهُ إِلَيْهِ وَأما من لم يرد أَن يفهم الْخطاب فانما لم يجب أَن يبين لَهُ المُرَاد لِأَنَّهُ لَا وَجه لوُجُوب بَيَان المُرَاد إِلَّا كَونه تمكينا مِمَّا أُرِيد من فهم المُرَاد وَهَذَا غير قَائِم لمن يرد الله سُبْحَانَهُ أَن يفهم مُرَاده بِالْخِطَابِ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَجه وجوب فَلَيْسَ بِوَاجِب وَلِهَذَا لما لم يكن للأقدار وَجه وجوب إِلَّا كَونه تمكينا من الْفِعْل لم يلْزم أَن يقدر الله سُبْحَانَهُ على الْفِعْل من لم يكلفه فعله وَلِهَذَا لم يجب فِي حِكْمَة الله أَن يبين لنا مُرَاده بالكتب السالفة

فأذا ثَبت ذَلِك فَالَّذِينَ أَرَادَ الله سُبْحَانَهُ مِنْهُم فهم خطابه ضَرْبَان أَحدهمَا أَرَادَ مِنْهُم فعل مَا تضمنه الْخطاب إِن كَانَ مَا تضمنه الْكتاب فعلا وَالْآخر لم يرد مِنْهُم فعل مَا تضمنه والأولون هم الْعلمَاء وَقد أَرَادَ الله سُبْحَانَهُ أَن يفهموا مُرَاده بِآيَة الصَّلَاة وَأَن يفعلوها وَالْآخرُونَ هم الْعلمَاء فِي أَحْكَام الْحيض قد أُرِيد مِنْهُم الْخطاب وَلم يرد مِنْهُم فعل مَا تضمنه الْخطاب

وَالَّذين لم يرد الله سُبْحَانَهُ أَن يفهموا مُرَاده وَلم يُوجب ذَلِك عَلَيْهِم ذَلِك ضَرْبَان أَحدهمَا لم يرد مِنْهُم أَن يَفْعَلُوا مَا تضمنه الْخطاب وَالْآخر أَرَادَ مِنْهُم الْفِعْل فالأولون هم أمتنَا مَعَ الْكتب السالفة لِأَن الله سُبْحَانَهُ مَا أَرَادَ أَن يفهموا مُرَاده بهَا وَلَا أَن يَفْعَلُوا مقتضاها وَالْآخرُونَ هم النِّسَاء فِي أَحْكَام

<<  <  ج: ص:  >  >>