للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يسْتَحق عقَابا أصلا فقد صَار ذمّ ترك الْإِطْعَام لَا يسْتَحق أصلا مَعَ أَن الْإِطْعَام وَاجِب قيل لَهُ وَإِن لم يسْتَحق الذَّم على الْإِخْلَال بالطهام فَإِن للإخلال بِهِ مدْخل فِي اسْتِحْقَاق الذَّم وَهُوَ على صفة مُؤثرَة فِيهِ لِأَن هَذَا القَوْل يَقْتَضِي أَنه يجوز على بعض الْوُجُوه أَن يُؤثر الْإِخْلَال بِهِ فِي اسْتِحْقَاق الذَّم وَهَذِه صفة مَا ذكرت لِأَنَّهُ لَو زَاد ذمّ الْإِخْلَال بِالْعِتْقِ أَو بالكسوة على ذمّ الْإِخْلَال بِالْإِطْعَامِ لَا يسْتَحق ذمّ الْإِخْلَال بِالْإِطْعَامِ وَأَيْضًا فقد بَينا فِيمَا تقدم أَن ذمّ أقل الْكَفَّارَات ذما إِذا اسْتَحَقَّه المخل بجميعها فَإِنَّهُ يسْتَحقّهُ على إخلاله بجميعها لِأَنَّهُ مخل بجميعها وَكلهَا مُتَسَاوِيَة فِي الْوُجُوب وَلَيْسَ يجوز أَن يلام على إخلاله بِبَعْضِهَا مَعَ أَنه لَو أخل بِهِ وَفعل غَيره لم يسْتَحق ذمّ

فَأَما الْوَاجِب الْمعِين فَهُوَ الَّذِي للإخلال بِهِ بِعَيْنِه مدْخل فِي اسْتِحْقَاق الذَّم كره الْوَدِيعَة وَمَا أشبههَا وَأما الْوَاجِب الْمُخَير فِيهِ فَهُوَ الَّذِي للإخلال بِهِ وَبِمَا يقوم مقَامه مدْخل فِي اسْتِحْقَاق الذَّم أَو الَّذِي لَيْسَ لمن قيل انه وَاجِب عَلَيْهِ أَن يخل بِهِ وَبِمَا يقوم مقَامه أَو الَّذِي الْإِخْلَال بِهِ وَبِمَا يقوم مقَامه مُؤثر فِي اسْتِحْقَاق الذَّم كالكفارات الثَّلَاث وَأما الْوَاجِب على الْأَعْيَان فَهُوَ الَّذِي لَا يقف اسْتِحْقَاق الذَّم على الْإِخْلَال بِهِ على ظن لإخلال الْغَيْر بِهِ وَأما الْوَاجِب على الْكِفَايَة فَهُوَ مَا وقف اسْتِحْقَاق الذَّم على الْإِخْلَال بِهِ على ظن إخلال الْغَيْر بِهِ وَذَلِكَ أَن من يتَمَكَّن من الْجِهَاد إِن أخل بِهِ وَهُوَ يظنّ أَن غَيره يقوم بِهِ لم يسْتَحق الذَّم وَإِن ظن أَن غَيره لَا يقوم بِهِ اسْتحق الذَّم فَأَما الْوَاجِب الموسع والمضيق فقد تقدم ذكرهمَا ويوصف الْوَاجِب بِأَنَّهُ فرض وَمَعْنَاهُ أَنه قد فرض وُجُوبه وَقدر بِأَن أعلم وُجُوبه أَو دلّ عَلَيْهِ وَلذَلِك لَا تُوصَف الْوَاجِبَات من أَفعَال الله تَعَالَى بِأَنَّهَا فرض وَحكى الشَّيْخ أَبُو عبد الله عَن أهل الْعرَاق أَن الْفَرْض هُوَ الْوَاجِب الَّذِي طَرِيق وُجُوبه مَقْطُوع بِهِ وَأَن الْوَاجِب الَّذِي لَيْسَ بِفَرْض هُوَ مَا كَانَ طَرِيق وُجُوبه يدْخلهُ الأمارات والظنون وَلما تقدم من معنى الْوَاجِب وَالنَّفْل لم يجز أَن يكون الشَّيْء الْوَاحِد وَاجِبا على زيد نفلا مِنْهُ لِأَنَّهُ يمْتَنع أَن يسْتَحق

<<  <  ج: ص:  >  >>