للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر تهديد يدل على وجوب التأسيس بِهِ فِي فعله الْجَواب أَن ذَلِك لَيْسَ بتهديد لِأَن الْإِنْسَان قد يَرْجُو الْمَنَافِع كَمَا يَرْجُو دفع المضار وَلَو كَانَ ذَلِك تهديدا لدل على وجوب التأسي وَقد بَينا أَن التأسي فِي الْفِعْل هُوَ إِيقَاعه على الْوَجْه الَّذِي أوقعه عَلَيْهِ فالآية إِذن تدل على مَا نقُوله وَقد قيل إِن قَوْله {لكم} لَيْسَ من الفاظ الْوُجُوب وَلَو دلّ على الْوُجُوب لقَالَ عَلَيْكُم وَالْجَوَاب أَنه لَا يَصح الِاسْتِدْلَال بذلك على نفي الْوُجُوب لِأَن معنى قَوْلنَا لنا أَن نَفْعل كَذَلِك هُوَ أَنه لَا حظر علينا فِي فعله وَالْوَاجِب لَيْسَ بمحظور فعله

وَمِنْهَا قَول الله سُبْحَانَهُ {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول} قَالُوا فَدخل فِيهِ طَاعَته فِي قَوْله وَفعله وَالْجَوَاب أَن طَاعَة الرَّسُول هُوَ فعل مَا أَرَادَهُ وَأمر بِهِ فَيجب أَن تدلوا على أَنه قد أَرَادَ بِفِعْلِهِ أَن نَفْعل مثله فِي الصُّورَة وَإِن لم نعلم الْوَجْه الَّذِي دخل تَحت الظَّاهِر

وَمِنْهَا قَول الله عز وَجل {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَقَوله {مَا آتَاكُم} يدْخل فِيهِ الْفِعْل وَالْجَوَاب يُقَال لَهُم مَا معنى قَوْله {مَا آتَاكُم} فان قَالُوا مَعْنَاهُ مَا أَعْطَاكُم أَي مَا تعدى إِلَيْكُم بِالْأَمر والإلزام قيل لَهُم فالفعل لَيْسَ بِأَمْر فان قُلْتُمْ هُوَ إِلْزَام لنا أَن نَفْعل مثله قيل دلوا على ذَلِك وَهُوَ مَوضِع الْخلاف على أَن قَوْله عز وَجل {وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} يدل على أَنه عَنى بقوله {مَا آتَاكُم} مَا أَمركُم على أَن الْإِتْيَان إِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي القَوْل لأَنا نَحْفَظهُ وامتثاله يصير كأننا أخذناه وكأنما عز وَجل أعطاناه

<<  <  ج: ص:  >  >>