- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي قَول بعض الصَّحَابَة إِذا لم ينتشر وَلم يعرف لَهُ مُخَالف - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
اعْلَم أَن القَوْل إِذا لم ينتشر فيهم فإمَّا أَن يكون الْبلوى بِهِ عَاما أَو غير عَام فان لم يكن عَاما لم يكن إِجْمَاعًا وَلَا حجَّة وَلَا كَانَ مَقْطُوعًا على انه صَوَاب وَعند بعض النَّاس أَنه إِجْمَاع يحْتَج بِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه لَيْسَ بِإِجْمَاع لِأَن القَوْل إِنَّمَا يكون مجمعا عَلَيْهِ إِذا اعتقده كل أهل الْعَصْر وَلَيْسَ يجوز أَن يَعْتَقِدهُ من لم يسمع بِهِ وَلم يخْطر بِبَالِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه لَيْسَ بِحجَّة لِأَنَّهُ لَو كَانَ حجَّة لَكَانَ حجَّة لِأَنَّهُ إِجْمَاع وَقد بَينا إِنَّه لَيْسَ بِإِجْمَاع أَو لِأَنَّهُ قَول بعض السّلف وَسَيَجِيءُ القَوْل فِي ذَلِك أَو لِأَن الامة أَجمعت على الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِك إِجْمَاع لِأَن كثيرا من النَّاس يُنكر على من يحْتَج بذلك وَإِنَّمَا لم يقطع على أَنه صَوَاب لِأَن من يَقُول إِن الْحق فِي وَاحِد يجوز أَن يكون خطأ وَمن يَقُول إِن كل مُجْتَهد مُصِيب يجوز خطأ غَيره إِذا لم تكن الْمَسْأَلَة من مسَائِل الِاجْتِهَاد وَإِن كَانَت من مسَائِل الِاجْتِهَاد فانما يحكم بِأَنَّهُ مُصِيب إِذا استوفى الِاجْتِهَاد وَلم يقل بِأول خاطر وَلَيْسَ يعلم أحد من غَيره أَنه لم يضجع فِي اجْتِهَاده فَلذَلِك لم يقطع على أَن القَوْل صَوَاب على الْإِطْلَاق
فان قيل لَو لم يكن القَوْل صَوَابا لَكَانَ الصَّوَاب قد خرج عَن اقاويل الامة وَالْجَوَاب أَن هَذَا الْكَلَام يُفِيد أَن للْأمة كلهَا فِي الْحَادِثَة أقاويل وَأَن الصَّوَاب سواهَا وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لِأَن الْمَسْأَلَة مَفْرُوضَة فِي قَول لم يظْهر فِي الْأمة خِلَافه وَأَيْضًا فانه يجوز أَن لَا يكون للْأمة فِي الْمَسْأَلَة قَول هُوَ حق إِذا لم يكن عَلَيْهِم فِي ذَلِك تَكْلِيف أَلا ترى أَنه لَيْسَ لَهُم قَول مِمَّا لم يحدث فِي عصرهم وَجَاز ذَلِك لما لم يكن عَلَيْهِم فِي ذَلِك تَكْلِيف فَكَذَلِك لَا تَكْلِيف عَلَيْهِم فِيمَا لم يبلغهم
وَأما إِذا كَانَ الْبلوى بذلك القَوْل عَاما فان لم ينتشر فيهم ذَلِك القَوْل فَلَا بُد من أَن يكون لَهُم فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة قَول إِمَّا مُوَافق لما نقل إِلَيْنَا أَو مُخَالف