للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنكره مَعَ علمنَا بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَاذِبًا لأنكره إِمَّا من جِهَة الْحِكْمَة وَإِمَّا من جِهَة الْعَادة فَالْأول أَن يكون من ادعِي عَلَيْهِ الْعلم بِصدق الْخَبَر نَبيا وَأما الثَّانِي فبأن يكون من ادّعى عَلَيْهِ الْعلم جمَاعَة كثيرين وَلَا دَاعِي لَهُم إِلَى الْإِمْسَاك من رَغْبَة وَلَا رهبة

فَأَما الرَّاجِع إِلَى مصيره إِلَى الْخَبَر فَهُوَ أَن لَا يَدعِي على السامعين الْعلم بِهِ لكِنهمْ يصيرون إِلَيْهِ عملا أَو تقبلا أَو تركا لرده على خلاف فِي ذَلِك

فاما الْأَخْبَار الَّتِي يعلم السَّامع كذبهَا فَمِنْهَا مَا يعلم ذَلِك من حَالهَا لأمر مُنْفَصِل عَنْهَا كالأخبار عَمَّا يعلم باضطرار كذبهَا أَو بِدَلِيل سَمْعِي أَو عَقْلِي وَمِنْهَا مَا يعلم ذَلِك من حَالهَا بِأَمْر مُتَّصِل بِهِ وَذَلِكَ رَاجع إِلَى كَيْفيَّة نقل الْخَبَر بِأَن ينْقل خفِيا وَمن حَقه أَن ينْقل ظَاهرا وَإِنَّمَا يكون ذَلِك من حَقه إِذا كَانَ الْمخبر عَنهُ ظَاهرا وقويت دواعي الدّين أَو الْعَادة أَو كليهمَا إِلَى نَقله فَالْأول اصول الشَّرِيعَة وَالثَّانِي أَن يثبت النَّاس على رجل بَيِّنَة فِي مَسْجِد الْجَامِع يَوْم الْجُمُعَة فَلَا يَنْقُلهُ إِلَّا وَاحِد أَو اثْنَان وَالثَّالِث المعجزات فانه قد اجْتمع فِيهَا أَنَّهَا غَرِيبَة بديعة وَأَن الدّين يتَعَلَّق بهَا

فَأَما النَّص الَّذِي تدعيه الإمامية وتدعي لُزُوم الْمعرفَة بِهِ لأهل كل عصر فانه إِذا لم ينْقل نقلا يحجّ وأجمعت الامة على أَنه لَو كَانَ صَحِيحا للَزِمَ الْعلم بِهِ أهل الْأَعْصَار فانا نعلم بُطْلَانه لِأَن الله عز وَجل لَو كلفهم الْعلم بِهِ لجعل لَهُم إِلَيْهِ سَبِيلا فان لم يجمع الْأمة على ذَلِك لم يعلم بُطْلَانه إِلَى بطرِيق آخر لِأَنَّهُ لَا يمْتَنع أَن يكون صَحِيحا وَيلْزم الْعلم بِهِ من عاصر الإِمَام وَيكون قَول من قَالَ إِن فرض الْعلم بِهِ لَازم لأهل الْأَعْصَار كلهَا بَاطِلا

فَأَما ظُهُور مخبر الْخَبَر فَلَيْسَ بِمُوجب بِانْفِرَادِهِ شياع نَقله لِأَن طُلُوع الشَّمْس ظَاهر وَلم يجب نَقله فَأَما أَن لَا ينْقل الشَّيْء نقل نَظِيره فَلَيْسَ بِمُوجب كذب الْخَبَر إِلَّا أَن تكون الدَّوَاعِي قَوِيَّة إِلَى نَقله فَأَما إِذا لم يكن كَذَلِك فَلَيْسَ بممتنع إِذا لم تقو الدَّوَاعِي إِلَى نَقله أَن يتَّفق نقل نَظِيره نقلا شَائِعا وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>