الحَدِيث وَلم يروه غَيره وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه مِمَّن يقبل لِأَنَّهُ مُخْتَصّ بِالْعَدَالَةِ والضبط وَجَمِيع الصِّفَات الْمَطْلُوبَة وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه لَا معَارض لروايته لِأَن التارك لرِوَايَة الزِّيَادَة لم ينفها لفظا وَلَا معنى أما أَنه لم ينفها لفظا فَبين واما أَنه لم ينفها فِي الْمَعْنى فَلِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يُقَال إِنَّه نفاها فِي الْمَعْنى إِلَّا من حَيْثُ كَانَ الرَّاوِي الآخر لما سَاق الحَدِيث وَكَانَ قصد اسْتِيفَاؤهُ ثمَّ لم يذكر الزِّيَادَة علم أَنه قد نفاها وَجرى مجْرى أَن ينفيها لفظا وَيُمكن أَن يكون هَذَا الْكَلَام دَلِيلا لَهُ مُبْتَدأ وَالْجَوَاب إِنَّه لَيْسَ يجب أَن يكون إِنَّمَا لم يروها التارك لَهَا لِأَنَّهُ نفاها لَكِن يجوز أَن يكون إِنَّمَا لم يروها لِأَنَّهُ لم يسْمعهَا لسهو اعتراه حِين تكلم بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو لشغل قلب اعتراه أَو تشاغل بعطاس أَو إصغاء إِلَى كَلَام آخر فاذا جَازَ كل ذَلِك بَطل القَوْل بِأَن التارك للزِّيَادَة قد نفاها فِي الْمَعْنى
فان قيل فَلم مَا حملتم ترك الرِّوَايَة للزِّيَادَة على أحد هَذِه الْوُجُوه بِأولى من أَن يحملوا رِوَايَة من رَوَاهَا على أَنه تصور أَنه سمع تِلْكَ الزِّيَادَة من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَلم يكن سَمعهَا مِنْهُ قيل لِأَن سَهْو الْإِنْسَان عَمَّا سَمعه وتشاغله عَن سَماع مَا جرى بمشهد مِنْهُ يكثر وَلَا يكثر توهم الْإِنْسَان أَنه سمع مَا لم يسمع وَلِأَنَّهُ لَا سَبَب لذَلِك إِلَّا أَنه سمع الزِّيَادَة من الْغَيْر فَظن أَنه سَمعهَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو سمع من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام شَيْئا فَظن أَنه سمع مِنْهُ ايضا مَا لَهُ بِهِ ولترك رِوَايَة مَا جرى اسباب كَثِيرَة قد ذَكرنَاهَا فَلذَلِك كَانَ ترك الْإِنْسَان رِوَايَة مَا جرى أَكثر من رِوَايَته مَا لم يجر إِذا لم يتَعَمَّد الْكَذِب
فان قيل فَيجب أَن يكون رِوَايَة من روى أَو نصف صَاع من بر أولى من رِوَايَة من روى أَو صَاعا من بر لِأَن فِيهَا زِيَادَة نصف يجوز أَن يكون التارك لَهَا لم يسْمعهَا قيل لَو لم يكن إِلَّا هَذَا لكَانَتْ الزِّيَادَة أولى لَكِن لما تَعَارضا فِي رِوَايَة إعرابين متنافيين لم تكن إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أولى من الْأُخْرَى يبين ذَلِك أَنه لَا يُمكن أَن يُقَال لَعَلَّ الَّذِي روى أَو صَاع من بر لم يسمع لَفظه نصف وَسمع لفظ صَاع لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لسمعها مجرورة